الصفحة الرئيسية ||فهرس كتاب عمرو خالد في ميزان الشريعة || فهرس الكتب

الرد على ناصر الالباني

                                                                                                                                                                                          
 

الفصل الرابع عشر شذوذ الألباني عن الجمهور فيحكم على نفسه بأنه ليس جمهوريًّا




يقول ناصر الدين الألباني في تعليقه على قول الطحاوي " و نجتنب الشذوذ و الخلاف و الفرقة " بقوله (1):" قلت: ‏يعني الشذوذ عن السنة و مخالفة الجماعة الذين هم السلف كما علمت، و ليس الشذوذ في شىء أن يختار المسلم قولا ‏من اقوال الخلاف لدليل بدا له، و لو كان الجمهور على خلافه خلافًا لمن وهم، فإنه ليس في الكتاب و لا في السنة ‏دليل على أن كل ما عليه الجمهور أصح مما عليه مخالفوهم عند فقدان الدليل" اهـ، إلى ان قال:" و أما عند ‏الاختلاف فالواجب الرجوع إلى الكتاب و السنة، فمن تبيَّن له الحق اتبعه و من لا استفتى قلبه سواء وافق الجمهور أو ‏خالفهم، و ما أعتقد أن احدًا يستطيع أن يكون جمهوريًّا في كل ما لم يتبين له الحق بل إنه تارةً هكذا و تارة هكذا ‏حسب اطمئنان نفسه و انشراح صدره و صدق رسول الله إذ قال: استفت قلبك و إن أفتاك المفتون " اهـ.‏


الردّ: إن هذه دعوة إلى ترك ما عليه جمهور الأمة و مخالفة صريحة لحديث النبي صلى الله عليه و سلم:" عليكم ‏بالجماعة و إياكم و الفرقة فإن الشيطان مع الواحد و هو من الإثنين أبعد من اراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة " ‏‏(2).‏

و معنى الجماعة في هذا الحديث لم يرد بها الرسول صلى الله عليه و سلم الجماعة في الصلاة إنما المعنى معنى حديث ابن ‏حبان (3):" ثلاثٌ لا يُغلُّ عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، و مناصحة ولاة الأمر، و لزوم الجماعة فإن ‏دعوتهم تحيط مَن وراءهم ".‏

و قد كتبت مجلة " التمدن الإسلامي " منذ أربعين سنة أنه اجتمع الألباني بالمحدث الشيخ عبد الله الهرري فقال الألباني ‏نضع أربعة أسس الكتاب و السنة و الإجماع و القياس، ثم بعد أن بدأ الكلام قال: الإجماع إذا لم يكن معه نص لا ‏أقبل، فقال له المحدث الهرري: أنت متلاعب اتفقنا على أن الأدلة الشرعية أربعة و الآن جعلتها ثلاثة فأنا لا أمضي ‏معك على هذا أنت تناقض نفسك قلتَ الأدلة الشرعية أربعة عليها نبني المناظرة ثم جعلتها ثلاثة. ‏


و دعوة الألباني أيّ إنسان أن يعمل بحديث:" استفت قلبك و إن افتاك المفتون " فيه تشجيع الجهال على ترك العمل ‏بما عليه أهل الإجتهاد و العمل بما تميل إليه نفوسهم، و لا يخفى أن الجاهل قد يميل قلبه إلى ما يخالف الشرع فكيف ‏يترك فتوى المجتهدين المعتبرين و يعمل بما تميل إليه نفسه، و هذا الحديث كان الخطاب فيه لوابصة بن معبد و هو من ‏مجتهدي الصحابة، فوابصة و من كان مثله في الأهلية لأخذ الحكم من القرءان و الحديث يأخذ بما ظهر له من الأدلة ‏على حسب اجتهاده، و ليس المراد كلَّ فرد من أفراد المسلمين و إلا لأدى ذلك إلى الفوضى قال الأفوه الأودي:‏

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم و لا سراة إذا جهالهم سادوا

و السراة: الأشراف من أهل الفهم الذين يصلحوا للقيادة، و يعلم أنه ليس كل من سمع حديثًا له أهلية الاجتهاد أي ‏استنباط الأحكام من الحديث لقوله صلى الله عليه و سلم:" نضر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها و حفظها و بلغها ‏فربَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه (4) "، و في رواية:" و ربَّ حامل فقه ليس بفقيه (5)" فقد أفهمنا الرسول ‏عليه الصلاة و السلام ‏




بذلك أنه قد يسمع منه الشخص الحديث المتضمن للأحكام و لا يكون عنده أهلية الاستنباط و يحمله إلى من هو افقه ‏منه أي إلى من له اهلية الاستنباط، و في قوله عليه السلام:" و ربَّ حامل فقه ليس بفقيه " دليل على أن الذين لا ‏يستطيعون أن يستخرجوا الفقه من الحديث أكثر من الذين يستطيعون، و هذا موافق لقول النحويين: ربّ للتكثير ‏كثيرًا.‏

فكيف يتجرأ مثلك يا ألباني على تاليف فتاوى، و ما أنت إلا كما قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي:" من لم ‏يأخذ الحديث من أفواه العلماء لا يسمى محدثًا بل يسمى صحفيًا "، إنما المحدث كما قال الحافظ السّلفي:‏

بادر إلى علم الحديث و كتبه و اجهد على تصحيحه من كتبه

و اسمعه من أشياخه نقلاً كما سمعوه من أشياخهم تسعدْ به

و أنت تعرف نفسك و يعرفك غيرك أنك لم تقرأ كتابًا في الحديث على محدّث قرأ على غيره من المحدثين بالاتصال ‏خلفًا عن سلف، أما تستحي من دعواك أنك محدث و أنك من أهل الفتوى و أنت مبتور مقطوع.‏

----------------------------------------
‏(1)- انظر (ص/48) من الكتاب.‏
‏(2)- رواه الترمذي: كتاب الفتن: باب ما جاء في لزوم الجماعة.‏
‏(3)- انظر الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (2/ 35).‏
‏(4)- أخرجه الترمذي في سننه: كتاب العلم: باب ما جاء في الحث على تبليغ العلم.‏
‏(5)- المصدر السابق.‏
 

« الموضوع السابق

الموضوع التالى »