الصفحة الرئيسية || فهرس كتاب محمد سعيد رمضان البوطي في ميزان الشريعة || فهرس الكتب

محمد سعيد رمضان البوطي في ميزان الشريعة

                                                                                                                                                                                          
 

البوطي يصرح بالحلول والتجسيم في حق الله تعالى والعياذ بالله تعالى من الكفر


يقول البوطي في كتابه "من الفكر والقلب" صحيفة 50 عن صفات الإنسان ومصدر خطورة هذه الصفات أنها في حقيقتها ليست إلا صفات الربوبية، فالعلم والقوة والسلطان والتملك والجبروت كلّها مقومات للألوهية وصفات للرب جل جلاله :"فمن شأن هذه الصفات إذا وجدت في الإنسان أن تسكره وتأخذ بلبّه وتنسيه حقيقته وتجعله يتمطّى إلى مستوى الربوبية، وإن كان الإنسان لا يملك منها في الحقيقة إلا نماذج وعينات يسيرة جدًّا ومحدودة جدًّا بالنسبة لصفات الله عز وجل" انتهى. وقد ذكر هذا النص أيضًا في كتابه كبرى اليقينيات ص 66.

فانظر أخي المؤمن إلى هذا التجرؤ على الله تعالى حيث ينسب الحلول بكلمات واضحة وفاضحة تبين عما في نفسه، يقول الإمام أبو جعفر الطحاوي السلفي في العقيدة الطحاوية :"ومن وصف الله بمعنًى من معاني البشر فقد كفر"، وقال الإمام الأكبر ابن عربي :"من قال بالحلول فدينه معلول". وكلام البوطي واضح فانظر إلى قوله (عن صفات الإنسان) ليست إلا صفات الربوبية، وقوله "وتجعله إلى مستوى الربوبية". وقوله "وإن كان الإنسان لا يملك منها في الحقيقة إلا نماذج وعينات يسيرة جدًّا ومحدودة جدًّا بالنسبة لصفات الله".

ألم يقرأ البوطي قوله تعالى :{ليس كمثله شىء} (سورة الشورى/11) وقوله تعالى :{ولم يكن له كفوًا أحد} (سورة الإخلاص/4)، وقوله تعالى :{فلا تضربوا لله الأمثال} (سورة النحل/74)، ألم يبلغه نقل الحافظ السيوطي في كتابه الحاوي للفتاوى إجماع المسلمين على تكفير من قال بالحلول أو الاتحاد.

ويقول البوطي في صحيفة 16-17 من كتابه "الفكر والقلب" عن الإنسان :"وعندئذ يعلم أنه إنما خُلِق ليقيم نفسه على سلوك يجعله مظهرًا لألوهية الله في الأرض".

وفي هذه العبارة تجد البوطي يمعن في التجسيم بهذه العبارات وكأنه يعاني من عقدة الاتباع فتركها إلى الابتداع، وكيف يكون الإنسان مظهرًا لألوهيته تعالى! سبحانه وتعالى عما يقول المجسّمون علوًّا كبيرًا.

ويقول في صحيفة 193 من كتاب "الفكر والقلب" :"إلهي أي شىء يوحشني من الدنيا فقده بعد أن رأيتك أمامي وأنست بك". انتهى. ويقول في كتابه "هذه مشكلتهم" ص 8 :"وأراني يد الله عز وجل التي تنبع منها كل سببية كل شىء" انتهى، ماذا يقول أتباع البوطي بهذا الكلام المليء بالكذب والادعاء والتطاول، ماذا يقول هو ذاته الذي يدعي ادعاء اتباع الكتاب والسنة، مَنْ مِنَ الأنبياء أو السلف الصالح أو الأولياء قال مثل هذا الكلام؟! أم أنه سيعمد إلى تأويل متهالكٍ وفاسد؟ وما الفرق بين كلامه وكلام الحلوليين الفاسدين؟

وتأمل معنا قوله في كتابه "من الفكر والقلب" حيث يقول صحيفة 211 :"فالجمال في مظهره الذاتي إنما هو جمال الله وحده فاض مظهره وتجلت أشكاله على شتى النماذج والرسوم" انتهى.

ويقول في صحيفة 213 :"فالعالم كله ليس إلا منفعلاً بمظهر الجمال والجلال والفاعل له والمتصف به إنما هو الخالق الواحد الأحد" انتهى.

ويقول في صحيفة 214 :"إنهم يقفون بنشوةٍ بالغة أمام لوحات الجمال والجلال الكونية لأنهم يرونها المرآة الوحيدة لجمال القدوس وجلاله" انتهى.

وها هو يقول في كتاب "منهج الحضارة الإنسانية في القرءان" ص 49-50 عن الإنسان :"هذه الصفات ليس في حقيقتها إلا ظلالاً وفيوضات من صفات الربوبية أنعم الله بها على هذا المخلوق" انتهى. وفي المجلة المسماة المسلمون سنة 81 صحيفة 8 ذكر ما نصه :"وتوضيح ذلك أن هذه القدرات ليست في أصلها وحقيقتها إلا من بعض صفات الربوبية وإنما منع الله الإنسان منها بفيوضات يسيرة جدًّا" انتهى.

ويقول في كتابه "الإسلام ملاذ كلّ المجتمعات الإنسانية" صحيفة 24 :"وتوضيح ذلك أن هذه القدرات ليست في أصلها وحقيقتها إلا من بعض صفات الربوبية وإنما متع الله الإنسانَ بها بفيوضات يسيرة جدًّا ليستعين بها في تحقيق المهمة القدسية التي أنيطت به"، ويقول في كتاب "الإنسان مسيّر أم مخيّر" في صحيفة 50 :"فإذا اتجه قصد الإنسان إلى صرف قدرته التي هي في الحقيقة قدرة الله".

وهنا نسأل البوطي ما الفرق بين كلامه وكلام الحلاج "ما في الجبّة إلا الله"؟!

ويؤكد البوطي اعتقاده الحلولي صحيفة 73 من كتابه المسمى "الإنسان مسير أم مخير" فيقول :"إذ أن هذه القدرة إنما هي في الحقيقة قدرة الله أودعت في كيان الإنسان لتكون خادمًا لرغائبه ومظهرًا لتحركاته"، ويقول في مجلة التقوى عدد 53 شباط 96 صحيفة 17 :"وامتلأ الوجدان بصفات الربوبية في ذات الله" انتهى. ويقول:"هذه الروح تظل في حنين إلى العالم الذي أهبطت منه هذه الروح موصولة النسب إلى الله"، وفي كتاب "كبرى اليقينيات" صحيفة 77 يرى وبكل صراحة أن الله أصل وأن العالم تفرّع منه، فيقول :"وبتعبير ءاخر نقول إن ما تراه من حقائق الكون كلها إنما هو فيض من حقيقة واحدة ألا وهي ذات الله، ومن المحال أن تدرك ماهية الحقائق الصغرى قبل أن تدرك منبعها وأصلها الأول" انتهى.

ويقول في صحيفة 87 من كتابه "كبرى اليقينيات" :"فما هي العلة التي أوجدته وأنهضته من ظلمات اللاشىء فوضعته في أول مدارج الوجود" انتهى.

لاحظ أيها القارىء كيف يسمي الله تعالى العلةَ وهذه تسمية ممنوعة شرعًا لأن أهل الحق كفروا من سمى الله علة أو علة العلل.

ويقول في صحيفة 291 من نفس المصدر :"إلى أن تنتهي بك هذه العلل الكثيرة المختلفة إلى العلة الوحيدة الكبرى الكامنة خلف ما قد رأيت أي إلى واجب الوجود وهو الله عز وجل" انتهى.

الرد: ألم يقرأ البوطي أن الإمام ركن الإسلام السغدي كفَّر من سمى الله سببًا أو علة.

ويقول في كتاب "منهج الحضارة الإنسانية في القرءان" صحيفة 26 :"ويقول {وإذ قال ربّك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة} أي خليفة مني يخلفني في الحكم بالعدل بين خلقي، وإن ذلك الخليفة هو ءادم ومن قام مقامه في طاعة الله والحكم بالعدل بين خلقه".

ثم يحيل هذا الكلام فيقول :"انظر تفسير ابن كثير" الجزء الأول صحيفة 70 فترجع إلى هذه الحالة إلى ذلك الموضع فلا تجد لها أثرًا.

فكيف يقول البوطي :"إن الله خلق الإنسان من ظلمات اللاشىء" فمن أين جاء بهذا التعبير الفاسد الذي لم يسبق إليه، وكيف يتناقض بقوله "ظلمات" وقوله "لا شىء" مع أن الظلمات مخلوقة، وأن عبارة أهل التحقيق أن الله خلق العالم من العدم وليس من ظلمات اللاشىء كما زعم، إذ أن الظلام حادث مخلوق قال تعالى :{وجعل الظلمات والنور} (سورة الأنعام/1).

وها هو في صحيفة 174 من كتابه "كبرى اليقينات" يسمي الله تعالى الواسطة فيقول :"بل إنه الواسطة الأولى والأخيرة وهو خالق الأسباب والمسببات" انتهى.

ويقول البوطي في "كبرى اليقينيات" ص 248 :"فإذا كان الإنسان في حقيقته مستودعًا لظلال أو فيوضات من صفات رب العزة جل جلاله فأخْلِقْ به أن يكون أشرف المخلوقات وأكرمها" انتهى.

وفي صحيفة 171 من كتابه "كبرى اليقينيات" ينسب الصورة لله تعالى فيقول عن رؤية الله يوم القيامة :"وأما دليل أهل السنة والجماعة فهو أن الرؤية أعم من أن تكون انطباعًا لصورة المرئي في الحدقة".

ثم يقول :"وإنما هي قوة يجعلها الله في الإنسان متى شاء وكيف شاء يتم بها مشاهدة صورة المرئي على حقيقته، والكيفية التي تحصل الرؤية بها اليوم ليست إلا كيفية من كيفيات كثيرة كان الله عز وجل ولا يزال قادرًا على ربط حقيقة الرؤيا بما شاء منها" انتهى.

فانظر كيف نسب الصورة لله تعالى مع أن الله تعالى منزّه عن الصورة والشكل والهيئة، وانظر كيف أثبت الكيف في الرؤيا وقد انعقد الإجماع على أن الله تعالى يُرى يوم القيامة بلا كيف.

وفي صحيفة 174 من كتابه "من روائع القرءان" تجده يقتدي بسيد قطب الذي يسمي الله بالريشة المبدِعة فيقول البوطي :"ثم ارجع النظر مرة أخرى إلى الجملة كلها لتبصر الريشة الإلهية العجيبة". ثم انظر إلى التمويه في التجسيم حيث يقول في صحيفة 178 من كتابه "من روائع القرءان" :"الأرض جميعًا شىء صغير في قبضة الله، والسموات كلها بأجرامها العظيمة قد طويت كما قد يطوى البساط أو الصحيفة فهي ليست إلا جرمًا صغيرًا لا تكاد تدركه العين مخبوءة في يمين الله، وليس هناك من يمين ولا قبضة، ولا طي بالمعنى الحسي المعروف ولكنه التخييل والتجسيم للمعنى الذهني كي يفيض الشعور والخيال إحساسًا به" انتهى.

انظر كيف نفى الحس أي بالجارحة عن صفات الله وهذا حقّ ثم أثبت أنه تخييل أي أن ذلك يدرك بالخيال والعياذ بالله، فالقرءان أثبت التنزيه في قوله تعالى :{ليس كمثله شىء} فالله لا تتصوره الأوهام والتخييلات وكذا صفاته، وهنا يتهم القرءان بالتخييل والتجسيم.

ثم تعالَ معي إلى قصة يقول إنه ترجمها من الكردية إلى العربية وتسمى "مَمُو زَيْن" ولقد زاد عليها بعض الفصول كما قال في صحيفة 8 :"ولقد دعتني طبيعة هذا العمل أن أضيف بعض الفصول الأخرى إلى القصة وأن أستعين بالخيال منه سدودًا...".

ويقول في صحيفة 7 من هذه القصة :"ولكن باعثًا حملني على إعادة طبعه أرجو أن يكون فيه السداد والخير"، إلى أن يقول :"وأن أجعل من انتشاره بين القراء خير حصنٍ يقيه شر أي عدوان"، فهو يعترف بأنه زاد على القصة ويثني على القصة بمجملها ويمتدحها، فإذا كان الكفر من أصل النص فلِم لم يحذفه كما سوغ لنفسه الزيادة، وإذا كان سيتذرع بالأمانة العلمية المزعومة فلم لم يُنبّه القارىء إلى خطورة هذا الكلام.

فاسمع أيها القارىء إلى كفرٍ عجيب وتجسيم غريب فإنه يقول في صحيفة 189-190 :"أي ربي ءامنت أن هذا الكون كله جسم وأنت روحه، وأن هذا الوجود حقيقة أنت سرها، أنت حسن زينة الأحبة والعشاق" انتهى.

وفي صحيفة 191 يقول :"عكست يا مولاي ءايات عظمتك وسلطانك ومظاهر حسنك وجمالك على صفحة هذا الكون الفاني في صور وأشكال وقوالب"، ثم قال في صحيفة 193 :"يا إلهي أزح من أمامي صور الجمال الخالد جمال ذاتك التي أشرقت بها الدنيا وما فيها" انتهى.

في صحيفة 33 يقول :"في كل مداخل الروح الأخرى التي كانت تعلقت بها منذ الأزل".

الرد: كيف لهذا الرجل الذي يدعي بأنه داعية إلى الله يخطب ويدرس ويؤلف ويحاضر ثم ينقل هذا الكلام على سبيل الاستحسان والرضا هذا إذا سلمنا أنه من أصل النص المترجم، أما إن كان زيادة على النص فهو أقبح في الشناعة والكفر، فإذا كان الرضا بالكفر كفرٌ فكيف بمن يجاهر به ويسوّقه ويستحسنه.

وفي صحيفة 274 من كتابه "من روائع القرءان" يقول :"وتعال فلنتأمل في اللوحة الإلهية التي رسمت هذا المشهد :{وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي}"، ثم يقول :"وهي تصور لك معنى الإرادة الإلهية وسلطانها الرهيب" انتهى.

الرد: إنه يمشي في هذه التعابير على خطى سيد قطب تمامًا حيث يسمي الله بما يحلو له من هذه التسميات التي تنم عن فكر مجسم وغير منزّه لله تعالى.

فكيف يُقدم على تسمية الله باللوحة؟ وكيف ينسب لإرادة الله الصورة، لا شك أن البوطي يحاول أن يموّه بمثل هذه العبارات لإيراد كل ما يعتمل في صدره من معاني التجسيم.

وفي كتابه "هذا والدي" يقول البوطي في صحيفة 65 متحدثًا عن أبيه :"كان إذا وضع الطعام واجتمعنا معه على مائدته أمرنا جميعًا أن نجلس جلسة أدب حتى لكأننا ماثلون من هذه المائدة أمام الله" انتهى.

نقول: هل يرضى والدك يا بوطي أن تشبهه بالله، فوالله لو قرأ هذه العبارة حال حياته لما تأخر في استتابتك وأخذ العهد عليك أن لا تعود لمثل هذه العبارات الفاسدة. والله لو اتبعت والدك الشافعي الأشعري المنزِّه لما وصلت إلى مثل هذه المزالق، لكنك ءاثرت منهج سيد قطب وغيره، وءاثرت هواك.

وأما قولك في كتابك "كبرى اليقينيات الكونية" صحيفة 234 "بأن الله هو حقيقة الحقائق كلها" فهذا كفر صريح، وهذا من الوحدة المطلقة التي هي عقيدة قدماء اليونانيين ثم استعملها ملاحدة المتصوفة كما شرح ذلك الشيخ مصطفى صبري.

قال الشيخ عبد الغني النابلسي رحمه الله في الفيض الرباني :"من قال إن الله انحل منه شىء أو انحل في شىء فقد كفر".

وأخيرًا: قد يقول بعض الذين يغارون على البوطي ولا يغارون على دين الله: إن البوطي يرى في أهل الحلول والتجسيم أنهم كفار فلم تتهمونه بهذه التهمة؟

نقول: إن البوطي بإطلاق العنان لخياله ويراعه من غير مراعاة الشرع وصل إلى ما قد وصل إليه من التجسيم والحلول، فهل نقول عنه بأنه دُسّ عليه في حياته، أم نقول إنه كان في حال غيبوبة، أم نؤول له كما أوَّل البعض لابن عربي فيما نُسب إليه زورًا، وإلى الحلاج وغيرهما.

فأما إن كان مدسوسًا عليه هذا الكلام فليصرح قبل موته ولا يسكت كما سكت عن صاحب كتاب أناشيد ومدائح وأشعار فيها كفر وكتب اسم البوطي على الغلاف للترويج.

أما احتمال أنه كان في حالة غيبوبة وقال ما قال على سبيل الشطحات فلهذا احتمال بعيد جدًّا لأنه ليس من أهل هذه الأحوال يقينًا.

ولو قال قائل لنفترضها شطحات وعلينا أن نؤول له، نقول: إذا كان البوطي رفض التأويل جملة وتفصيلاً في كتاب الله كما صرح فلماذا نؤول له وهو الذي رفض تأويل شطحات المتصوفة المنسوبة زورًا لابن عربي وغيره.