الصفحة الرئيسية || فهرس كتاب محمد سعيد رمضان البوطي في ميزان الشريعة || فهرس الكتب

محمد سعيد رمضان البوطي في ميزان الشريعة

                                                                                                                                                                                          
 

البوطي يأتي باجتهاد مزعوم جديد في مسئلة مغفرة الذنوب


يقول البوطي في كتابه "هذه مشكلاتهم" صحيفة 162 :"إنّه لا يغفر الذنب إلا بشفاعة قُربة جليلة في عين الله تقرب بها هذا المذنب إليه وإن بدت في عينه ضئيلة وحقيرة، ولا يحبط الطاعة إلا بجريرة معصية شنيعة في نظر الله".

الرد: من المجمع عليه ومن المسلَّمات به أن الذنوب ثلاثة أقسام أكبر الكبائر وهو الكفر ثم سائر الكبائر ثم الصغائر.

ومما لا خلاف فيه أن الكفر لا يغفر إلا بالشهادتين بنية الخلاص من الكفر الذي وقع به.

أما الكبائر والصغائر فالله يغفرها بالتوبة وهي الإقلاع عن الذنب والندم والعزم على عدم العودة. ويغفر الله ما شاء من الذنوب لمن شاء من المسلمين إما بحسنة يعملها وإما بدون ذلك.

وقد يغفر الله الكبائر أيضًا ببعض القربات كما صح في الحديث أن الله غفر لامرأة مسلمة من بني إسرائيل وكانت زانية بسبب سقياها لكلب اشتد به العطش ونص الحديث :"بينما كلب يُطيف (يدور) بركيَّةٍ (بئر) قد كاد يقتله العطش إذ رأته بَغيٌّ من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها (خف يلبس بالرّجل) فاستقت له به فسقتهُ فغُفر لها به" رواه الشيخان واللفظ لمسلم.

ويغفر الله لبعض المؤمنين يوم القيامة بشفاعة نبي أو ولي أو شهيد أو غيرهم ممن يشفعون، وهذه الشفاعة لعصاة المؤمنين ولا تكون للكفار لقوله تعالى :{ولا يشفعون إلا لمن ارتضى}.

وكذلك يغفر الله لبعض العصاة من غير توبة ولا قربة ولا شفاعة لقوله تعالى :{يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء} (سورة الفتح/14).

ومن الثابت الذي لا شكّ فيه أن المؤمن العاصي إن مات من غير توبة فهو تحت مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له. وأما إن كانت المعصية تتعلق بحقوق العباد فلا بد من التحلل منهم بإعادة الحق أو الاستسماح.

فمن أين أتى البوطي بهذا الادعاء الذي لا أساس له مطلقًا وهو ادعاء يصادم القرءان والسنة والإجماع ويبقى كلامًا بلا دليل.

وأما إحباط العمل فلا يحتاج لبيانه أيضًا إلى مثل هذا اللف والدوران والتفّيهق والتفلسف حيث من الثابت أن العملَ يَحبطُ بالكفر لقوله تعالى :{ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله} (سورة المائدة/5).

فطالما أن النصوص الشرعية واضحة وكلام أهل العلم بيّن كما الشمس في رابعة النهار فلماذا التنطع والتكلف والخلط بعد ذلك.