مواقع اخرى خدمات الصور الإسلامية فرق منحرفة المكتبة الصوتية
English  Francais  أهل السنة

المال الممدوح والمال المذموم

المال الممدوح والمال المذموم




قال الله تعالى {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} آل عمران.



وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذا المال حلوة خضرة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى" رواه البخاري.



إن الرسول صلى الله عليه وسلم يبين لنا في هذا الحديث ما هو المال الممدوح وأنه هو الذي يكتسبه الشخص من طريق غير محرم وصرفه في طريق لا يسخط الله. وهذا المال هو نِعَمَ المعونةِ لأنه يُساعد على الخير، سواء صرفه الشخص في حاجات نفسه بنية اعفاف نفسه عن الحرام أو تصدق به على المحتاجين، أو على عياله أو على أبويه أو غيرهما وكانت نيته حسنة كان ذلك كأنه يتصدق صدقة على فقير أي أنه له ثواب على ذلك.



وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نِعم المال الصالح للرجل الصالح" أورده الهيثمي في زوائد ابن حبان أي أن المال الحلال الذي يصرفه الرجل المسلم على الوجه الذي يرضاه الله تبارك وتعالى فهو نعمة عظيمة من الله على عبده المؤمن.



المال حلوة خضرة



ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "المال خضر حلو" إن المال كالنبات الذي هو أخضر مما يشتهيه الناس منظره جميل حسن والنفس تميل اليه، شبه الرسولُ المالَ بالخضرة الحلوة الحسنة المنظر.



ثم فصّل صلى الله عليه وسلم في المال فبيّن أن من أخذ المال أي اكتسبه بحقه ووضعه في موضعه كان ذلك عونا له على آخرته لأن الله تبارك وتعالى جعل هذا المال لكسب المثوبات والأجور في الآخرة.



القدوة الصالحة



كان سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يملك من المال الحلال الكثير وكان يصرفه في خدمة رسول الله وفي خدمة الضعفاء المسلمين الذين كانوا عبيداً من قِبَلِ المشركين، وأنفق الكثير الكثير من أمواله في مرضاة الله حتى أنه أتى عليه يوم دعا فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى بذل المال في مصالح المسلمين فأنفق سيدُنا أبو بكر رضي الله عنه جميعَ ما عنده من بقية تلك الثروة التي كانت معه في بدء الدعوة الإسلامية ولم يفعل ذلك أحد من أصحاب رسول الله وإنما سيدنا عمر بن الخطاب إقتفى بأثره وأنفق نصفَ ما يملك.



المال المذموم:

وأما المال المذموم فهو المال المكتسب بطريقة محرمة، وطرق الحرام كثيرة منها ما هو معروف لدى كل مسلم ومنها ما يخفى على كثير من المسلمين. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء". رواه الترمذي.



وما ذاك إلا لأجل ما يلقاه التاجر الصدوق من مجاهدة نفسه وهواه وقهرها على إجراء العقود على الطريق الشرعي وإلا فلا يخفى ما توعد اللهُ من تعدى الحدودَ الشرعية. فيجب على من أراد البيع والشراء أن يتعلم ذلك وإلا أكل الربا شاء أم أبى.



وإن كثيرا من الناس يلجأون إلى الغش والكذب والحلف بالله كذباً ويُخفون العيبَ الموجودَ في البضاعة التي يبيعونها وكل ذلك لترويج بضاعتهم وازدهار تجارتهم، وقد كان الأحرى بهم أن يتقوا الله في تجارتهم، ومن الطرق المحرمة لجلب الأموال



الربا كالذي يقرض شخصاً مبلغاً من المال ويشترط عليه أن يرد له المالَ مع زيادة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلُّ قرضٍ جرَّ منفعةً فهو ربا" رواه البيهقي.



ثم لو حصل هذا الأمر بين الطرفين بالتراضي فهو ربا.



وهذا من أشد أنواع المال الحرام وقد توعد اللهُ في القرآن الكريم آكلَ الربا بما لم يتوعد به في سائر الاموال المحرمة قال تعالى {فَأْذَنوا بحرب من الله ورسوله} وهذا زجرٌ بالغٌ ونَهى واضح عن جميع أنواع الربا.





لا يحل مال المسلم إلا بطيب نفس منه:



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ مال امرىء مسلم إلا بطيب نفس منه" رواه ابن حبان.



إن هذا الحديث يتضمن قاعدة شرعية مهمة وهي أنه لا يجوز ولا يحل لمسلم أن يأخذ من مال المسلم شيئا إلا إذا كان بطيب نفس منه حتى العصا لا يجوز له أن يستعملها أو يأخذها إلا برضى صاحبها. ولا يستثنى من هذه القاعدة الشرعية إلا ما استثناه الشرع. ومن جملة ما استثناه الشرع أنه إذا كان الرجل يمتنع عن انفاق النفقة الواجبة لزوجته وأولاده الصغار الذين هم دون البلوغ فيجوز لزوجته أن تشتكيه إلى الحاكم الشرعي فيخرج لها حقها وحق اطفالها بالمعروف من غير أن يظلمها أو يظلمه.



وأما إذا كانت الزوجة لا تتمكن من الوصول إلى حقها وحق أطفالها بطريق القاضي فإن لها أن تأخذ من مال زوجها من دون علمه القدرَ الذي هو حقها وحق أطفالها بلا زيادة حتى لا يصير مآلهم الضياع والتشريد مع وجود من يجب عليه نفقتهم.



فهذا يُستثنى من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يحل مال امرىء مسلم إلا بطيب نفس منه". لأن المقصود من هذا الحديث المالُ الذي يُؤخَذ من مال المسلم من غير رضاه بغير ضرورة شرعية أما للضرورة الشرعية فيجوز ولو بغير رضاه.



وكذلك ذكر الفقهاء أنه إذا نزلت بالمسلمين ضرورة كوجود أناس فقدوا المأوى ولا يجدون مأوى أو لا يجدون ما ينقذهم من هلاكِ الجوع أو هلاكِ العرى أي فقد الثياب التي تقيهم وتحفظهم من ضرر البرد والحر فإنه يجوز للحاكم المسلم أن يأخذ من أموال الاغنياء القدرَ الذي تُسد به ضرورات المحتاجين.



وكذلك إذا كان الرجل يتمنع من وفاء الدَين بلا عذر فإن " للدائن" أن يأخذ من مال "المَدين" قدرَ حقه بغير رضاه بعلمه أو بغير علمه لأن هذا " المدين" الذي يبخل ويتمنع من أداء الدين مع المقدرة على وفائه يُعتبر في شرع الله ظالماً.



أخي المسلم، الدنيا ساعة فاجعلها طاعة وتذكر أنك كراكب استظل تحت ظل شجرةٍ ثم راح وتركها وأن المال الممدوح مُبارك فيه ولنِعْمَ المال هو. وأن المال المذموم غير مُبارك فيه ولَبِئسَ المال هو.



فاحرص على جمع المال من طريق الحلال وصرفه في الحلال واياك ثم إياك أن تغرّك الدنيا ويوسوس لك الشيطانُ ويزين لك الحرامَ. ولا تكن من الصنف الذي ذمَّهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: "ليأتينَ على الناس زمان لا يُبالي أحدهم بما أخذ من المال بحلال أم بحرام" رواه البغدادي في التاريخ.



اللهم ارزقنا مالاً حلالاً طيباً مباركاً فيه وباعِدْ بيننا وبين السُّحْتِ والرِبا وبارك لنا في حلالٍ قليلٍ واصرف الحرامَ الكثيرَ عنا يا قادر يا كريم.


مواضيع ذات صلة

<<< الدرس المقبل

الدرس السابق >>>