مواقع اخرى خدمات الصور الإسلامية فرق منحرفة المكتبة الصوتية
English  Francais  أهل السنة

أهمية طلب العلم والعمل به والتحذير من الكفر حال الغضب

أهمية طلب العلم والعمل به والتحذير من الكفر حال الغضب




الحمدّ لله الواحد الأحد الملك العلام، المدبر لجميع ما يجري نهارا وفي الظلام، السميع فلا يخفى عليه ما يفوتنا من جملة الأحاديث والكلام، فالبشرى لمن أفرده بالعبادة ومات على الإسلام.



أحمده سبحانه وتعالى حمد من أمر بالمعروف ونهى عن الحرام، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله يحيي ما بلي من الأجساد والعظام وأشهد أنَّ سيدنا ونبينا محمدا نبي دعا لعبادة ربه وترْك الأوثان والأصنام، اللهم صل وسلم وبارك على هذا النبي المصطفى، والرسول السيد السند ذي الوفا، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه صلاة وسلاما دائمين متلازمين ما غرد القمري وهدل الحمام.



أما بعد، فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله للنجاة من العذاب والآلام وتعلّم ما فرض الله على عباده من علم الدين وضروريات الأحكام كالتوحيد ومسائل فقهية من الطهارة والصلاة وأحكام الصيام وشىء من أحكام المعاملات على من يحتاجها وتعلم بيان المعاصي لا للوقوع فيها بل لتجنبها كالكفر والزنا ونقل القول للإفساد من نمام، وكذلك السرقة وأكل الربا والكذب على الله ورسوله وترك ردّ السلام.



"طلب العلم فريضة على كل مسلم" حديث رواه البيهقي من كلام المظلل بالغمام، فتارك طلب العلم الضروري قد ارتكب معصية كبيرة ويخشى عليه من سوء الختام. فعجلوا بالتوبة لتخرجوا من هذه الدنيا على الإيمان بسلام.



يقول ربنا سبحانه وتعالى في كتابه المبين: {فاعلم أنه لا إله إلا الله} فاعلم خطاب لأفضل الخلق وحبيب الحق محمد صلى الله عليه وسلم، كان الرسول يعلم أنه لا إله إلا الله قبل نزول هذه الآية، ولكن في الآية إشارة لأهمية العلم وفضله وشرفه، ومن هنا يقول سيدنا علي الخليفة الراشد رضوان الله عليه "كفى بالعلم شرفا أن يدعيه من لا يحسنه ويفرح إذا نسب إليه، وكفى بالجهل ذما أن يتبرأ منه من هو فيه".



فالجاهل إذا قيل له أنت عالم يفرح، لماذا؟ لأن العلم شرف عظيم لذلك يفرح الجاهل إذا نسب إليه العلم، كفى بالعلم شرفا أن يدعيه من لا يحسنه ويفرح إذا نسب إليه، وكفى بالجهل ذما أن يتبرأ منه من هو فيه، فالدليل على أن الجهل مذموم أن الإنسان لو كان جاهلا في الغالب إذا نسب الجهل إليه يتبرأ منه، لأن الجهل عيب ولأن العلم شرف، فمن هنا بما أننا على اتفاق أن العلم شرف عظيم وأن الجهل عار كبير، لماذا أهمل كثير من المسلمين اليوم علم الدين؟ أنا لا أعني علم الدنيا، علوم الدنيا فيها فوائد وينبغي للمسلمين أن يحصلّوا الدراسات العليا والشهادات التي فيها نفع للأمة، ولكن اسأل عن الأهم هو علم الدين قبل أن تسأل عن الطب أو الهندسة ستسأل عن علم الدين ستسأل، لن تسأل عن علم الطبّ أو الهندسة إذا حصلت الكفاية بين المسلمين، أما علم الدين فإنّ رسول الله يقول: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" فكما أن الصلاة فريضة وستسأل عنها يوم القيامة فإن علم الدين فريضة وستسأل عنه أيضا يوم القيامة، فهل تعلمت علم الدين أم شغلتك الدنيا بملذاتها وشهواتها المحرمة.



فمن كان ذكيا فطنا تجنب الوقوع في الحرام وابتعد عن كل ما يؤدي به إلى الوقوع في النيران وتسلح بسلاح العلم حتى يحارب نفسه الأمارة بالسوء، بإلزامها وقهرها على الطاعة وإبعادها عن الوقوع في ما هو شر لذلك أمرنا النبي بالتعلم لأنّ تعلم علم الدين هو السبيل الذي يجب سلوكه لوقاية النفس من العذاب الأليم فقال عليه الصلاة والسلام "أيها الناس تعلموا، فإنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه فمن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" رواه الطبراني.



أيها الأخوة الكرام.



أهل بيروت كانوا قبل خمسين سنة بعد أن ينتهوا من تجارتهم يبحثون عن مجالس العلم ليحضروها، لأن بيروت كان فيها علماء فلو رجعتم لتاريخ بيروت لعرفتم ذلك، كان فيها علماء أجلاء وأولياء من الأكابر كان الناس ينكبون عليهم في المساجد والزوايا والبيوت، أما بعد ذلك وبعد أن مات كثير منهم وجاء عصر التلفاز والفيديو شغل أكثر الناس في النهار بالتجارة والمال وفي الليل بالتلفزيون وسهرات المرح، وهذا من البلاء، فماذا ستفعلون يوم القيامة، كيف ستلقون ربكم وهو الذي سيحاسبكم وليس بينكم وبينه ترجمان، هو الذي يحاسب العباد يوم القيامة، ربنا الذي ليس كمثله شىء، ربنا الذي مهما تصورت ببالك فهو بخلاف ذلك، ماذا ستقول لو سئلت هل تعلمت علم الدين وعملت بما تعلمت هل أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر أم أهملت ذلك؟ هل حذرت من أهل الضلال أم سكت عن ذلك كم وكم تسمعون الفتاوى التي لا أصل لها التي ما أنزل الله بها من سلطان لكثرة الجهل والعياذ بالله تعالى.



إخواني اتقوا الله بتعلم علم الدين وتطبيقه فإنه فرض عليكم أن تتعلموا ضروريات علم الدين من ثقة لا يفتي بغير علم ولا يستحي إذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول لا أعلم فقد قالوا: "إذا نسي العالم كلمة لا أدري فقد بدأ سقطه أي بدأ خطأه لأن ذلك يجري على الفتوى بغير علم فابحثوا عن إنسان يعلمكم لوجه الله ليس وراءه خلفيات ولا غايات دنيوية وليس وراءه انتهازيات، ابحثوا عن إنسان يعلمكم دينكم لله ولا يجرأ على الفتوى بغير علم فالجهل قد فشا وانتشر وعزرائيل سيفاجئنا فماذا حضرت لآخرتك وماذا حضرت لقبرك هل تعلمت وعملت بما تعلمت من علوم الدين الجهل منتشر حتى إن بعض الناس تسمعهم يسبون الله والعياذ بالله تعالى، إلى اليوم نسمع بآذاننا في الطرقات سبّ الله وسبّ الرسل وسبّ الملائكة وأما مسبة الدين فربما هي أكثر من شرب الماء عند بعض الناس وكلّ هذا، مسبة الله ومسبة نبي أو رسول من رسل الله ومسبة الملائكة ومسبة القرءان ومسبة الإسلام، كل هذا باتفاق علماء الإسلام كفر يخرج من الإسلام لو كان عاضبا، قد تسمع من بعض الناس أن الغضب عذر، لا، ما دمت واعيا لست مجنونا ما دمت تعي ما تقول يكتب عليك لأنّ ربنا يقول: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} ما دمت واعيا عامدا مختارا يكتب عليك، إذا سببت الله أو رسولا من رسل الله أو شتمت دين الإسلام ولو كنت غاضبا، ما دمت تعي ما تقول وأنت عامد متعمد مختار فإنه يكتب عليك هذا الكفر، كيف الخلاص من هذا الكفر، الخلاص يكون بأن يقول من وقع في الكفر أشهد أنْ لا إله إلا الله وأشهد أنَّ محمدا رسول الله يرجع للإسلام بالشهادتين، وبأن يعزم بقلبه على أن لا يعود إلى الكفر وهذا بعد الإقلاع عن الكفر.





بعض الناس قد تسمع منهم كلمة أو مقالة خبيثة يقولون إن الذي يسبّ الله بلسانه وليس منشرح الصدر لا يكون كافرا، هذا باطل، كأنهم يقولون للناس سبوا الله والرسول والملائكة والإسلام ما دمتم غير منشرحين، إنشراح الصدر جاء في القرءان للمكره الله تعالى قال: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} عمار بن ياسر أكره على الكفر، قتلوا أباه وأمه أمام عينيه ثم قيل هل وقد أكره بالقتل اذكر آلهتنا، أكره بالقتل فذكر اللات والعزى، فصار يبكي أمام رسول الله فقال له: "هل كنت شارحا صدرك حين قلت ما قلت، قال لا" ونزلت الآية {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} يعني ما دمت مكرها بالقتل ونحوه ولم تنشرح لهذا الكفر لا تكفر، أما الإنسان إذا أكره أولا ثم انشرح صدره للكفر كأن سب الله وقلبه منشرح لهذا السبب هذا الذي يكفر، ولو كان بالإكراه لأنه انشرح صدره لمسبة الله. احفظوها جيدا.



انشراح الصدر هذا بالنسبة للمكره أما غير المكره إذا سبّ الله لو لم يكن منشرح القلب لو كان غضبان يكتب عليه ولا يمحى عنه إلا أن يعزم على أن لا يعود إليه ويتشهد.



إخواني، هذه الأحكام ليست جديدة، تكفير ساب الله وساب النبي وساب الملائكة وساب الإسلام ليس مذهبا جديدا بل هذا من دين الإسلام، هذا ما اتفق عليه علماء الإسلام من شافعية وحنفية ومالكية وحنابلة إرجعوا إلى كتب المذاهب الأربعة تجدون ما ذكرنا لكم فيها، لكن من بعد عن مجالس علم الدين قد يستغرب بعض المسائل التي هي من صلب الإسلام فاتقوا الله بالعلم والعمل فإن من تفقه في الدين فهو ممن أراد الله بهم خيرا عظيما.



أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.


مواضيع ذات صلة

<<< الدرس المقبل

الدرس السابق >>>