مواقع اخرى خدمات الصور الإسلامية فرق منحرفة المكتبة الصوتية
English  Francais  أهل السنة

بعض أهوال يوم القيامة

بعض أهوال يوم القيامة




إن الحمدَ للَّهِ نَحمَدُهُ ونَستَغْفِرهُ ونَسترشِدُهُ ونَشكرهُ ونعوذُ بالله من شرورِ أنفُسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِ الله فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائِدَنا وقرةَ أعينِنا محمدًا عبدُ الله ورسولهُ وصفيهُ وحبيبهُ وخليلهُ، من بعثَهُ الله رحمةً للعالمينَ هاديًا ومبشرًا ونذيرًا بلَّغَ الرسالةَ وأدَّى الأمانةَ ونصحَ الأمة فجزاهُ الله عنَّا خيرَ ما جزى نبيًّا من أنبيائِه، صلى الله عليه وعلى كل رسول أرسله.



أما بعدُ فيا عبادَ الله أوصي نفسي وأوصيكُم بتقوى الله العليّ العظيمِ، واعلموا أنَّ الساعةَ ءاتيةٌ لا ريبَ ولا شكَّ فيها وأنَّ الله يبعث من في القبور.



روى الحاكمُ من حديثِ عبدِ الله بنِ عمرَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ فَلْيَقْرَأْ قولَهُ تعالى: }إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ{أعوذُ بالله من الشيطانِ الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم }إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ{ [سورة التكوير] إذا الشَّمْسُ أُظلمت، والنجومُ تناثرت وسَقَطَتْ على الأرضِ، والجبالُ ذُهِبَ بها عَنْ وجهِ الأرضِ فصارت هَبَاءً منبثًّا، والعشارُ أي النُّوقُ الحوامِلُ تُركت بلا راعٍ بلا حالبٍ لما دَهاهُم من الأمورِ، والوحوشُ جُمِعَتْ بعدَ البَعْثِ يُقتَصُّ من بعضٍ لبعضٍ ثُمَّ تصيرُ ترابًا، والبحارُ أوقِدَت فاشتعلت نارًا، وزُوّجت أنفُسُ المؤمنينَ بالحورِ العين، }وَإِذَا الْمَوْءودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ{ جوابُها أن تقولَ: بلا ذَنبٍ، أي صُحفُ الأعمالِ تنشرُ يومَ القيامةِ ليقرأ كُلُّ إنسانٍ كتابه، فقد قالَ صلى الله عليه وسلم: "يُدعى أحدُهم فيُعطى كتابَهُ بيمينه، ويُمَدُّ لَهُ في جِسْمِهِ ستونَ ذِراعًا، ويُبيضُ وجههُ، ويُجعَلُ على رأسهِ تاجٌ من لؤلؤٍ يَتَلألأ".



قالَ: "فينطلقُ إلى أصحابهِ فيرونَهُ من بعيدٍ فيقولونَ: اللهم بارِكْ لنا في هذا حتى يأتيهم فيقولُ: أبشروا، فإنَّ لكل رجلٍ منكم مِثْلَ هذا، وأما الكافرُ فيُعطى كتابَه بشمالهِ، مُسْودًّا وجههُ، ويُزادُ في جسمهِ سِتونَ ذِراعًا" أي يومَ القيامةِ (أما في جهنم يكونُ طولُهُ هائلا مسيرةَ سبعين سنةً وأكثرَ وعرضُهُ مسيرةَ ثلاثةِ أيامٍ) "ويُلْبَس تاجًا من نارٍ فيراهُ أصحابُهُ فيقولونَ: اللهم اخزهِ فيقولُ: أبعدَكُمُ الله، فإنَّ لكلِ واحدٍ منكم مِثْلَ هذا".



يقولُ الله تعالى: }أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيهْ{ [سورة الحاقة].



فإعطاءُ الكتابِ باليمينِ، إخوةَ الإيمانِ، دليلٌ على النجاةِ، والمؤمنُ لما بلغَ الغايةَ في السرورِ وعَلِمَ أنهُ من النّاجينَ بإعطاءِ كتابِهِ بيمينهِ يُحِبُّ أن يُظهرَ ذلكَ لغيرهِ حتى يفرحوا لَهُ، اللهم اجعلنا من النَّاجينَ في ذلكَ اليومِ العَظيمِ يا ربَّ العالمين، فالذي أُعطيَ كتابَهُ بيمينه هو في عيشةٍ راضيةٍ مَرضيةٍ وذَلكَ بأنهُ لقيَ الثوابَ وأمِنَ من العِقَابِ، يقولُ تعالى: }وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ{ [سورة الحاقة].



أمَّا من أُعطيَ كتابَ أعمالِهِ بشمالهِ فإنهُ لما يَرى من سوءِ عاقِبَتهِ التي كُشِفَ عنها الغِطاءُ، تمنى لو أنه لم يُؤْتَ كتابَهُ لِمَا يرى فيهِ من قبائحِ أفعالهِ، ويتمنى الموتَ ولم يكُنْ شَىءٌ عندَهُ أكرَهَ منهُ إليهِ في الدُّنيا لأنهُ رأى تِلكَ الحالَةَ أشنعَ وأمرَّ مما ذَاقَهُ من الموتِ }يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ{ ، قالَ البخاري: "القاضيةُ الموتَةُ الأُولى التي مِتُّها، لم أَحي بَعْدَها".



ويقولُ نبينا محمدٌ صلواتُ ربي وسلامُهُ عليه: "يقولُ الله تبارك وتعالى لأهونِ أهلِ النارِ عذابًا: لو كانَتْ لَكَ الدُّنيا وما فيها أكُنْتَ مفتديًا بها؟ فيقولُ: نَعَمْ، فيقولُ: قَدْ أردتُ مِنْكَ أهونَ من هذا وأَنتَ في صُلْبِ ءادمَ أن لا تشركَ، فأبيتَ إلا الشِركَ" ومَالُهُ الذي كانَ في الدنيا يملِكُهُ لا يدفَعُ عنهُ من عذابِ الله شيئًا، وزالَ عنهُ سُلطانُهُ أي: مُلْكُهُ وقُوَّتُهُ.



ويقولُ الله تعالى في الحَديث القدسيّ لخزَنَةِ جهنمَ: خذوهُ واجمعوا يديهِ إلى عُنقهِ مقيدًا بالأَغلالِ، هذا معنى: [سورة الحاقة] أي أدخلوهُ واغمروهُ في نارِ جهنّمَ }خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ{ [سورة الحاقة] سلسلةٌ: حِلَقٌ منظمةٌ كُلُّ حَلْقَةٍ مِنها في حَلْقةٍ، سلسلةٌ عظيمةٌ جدًّا طولُها سبعون ذِراعًا، والظاهرُ أنهم يدخلونَهُ في السلسلةِ ولِطولها تلتوي عليهِ من جَميعِ جهاتهِ فيبقى داخِلا فيها مَضغوطًا حتى تَعُمَّهُ، وقيلَ تَدخلُ في دُبرهِ وتَخرجُ من مِنْخَرِهِ، وقيلَ تدخلُ من فَمِهِ وتخرجُ من دبرهِ.



أتعلمونَ إخوةَ الإيمانِ ما هو سَببُ العَذابِ للكافرِ؟

}إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِالله الْعَظِيمِ (33){ [سورة الحاقة].



اللهم يا مقلّبَ القلوبِ ثبت قلوبَنا على دينِكَ وأخرجنا من هذهِ الدنيا على كاملِ الإيمانِ، وقِنا عذابَكَ يومَ تَبعثُ عبادَكَ يا رب العالمين.



هذا وأستغفر الله لي ولكم.



الخطبة الثانية



الحمدُ للَّهِ نَحمدهُ ونَستعينهُ ونَستغفرهُ ونَستهديه ونشكرهُ ونعوذُ بالله من شرورِ أنفُسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهدِ الله فلا مُضل له ومن يضلل فلا هاديَ له والصلاةُ والسلامُ على رسول الله. أما بعدُ عبادَ الله أوصي نفسي وأوصيكم بتقوى الله العليّ العظيم.



واعلَموا أنَّ الله أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيه الكريم فقال }إِنَّ الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا{ اللهمَّ صَلّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، يقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ الله شَدِيدٌ (2)}

اللهمَّ إنَّا دعوناك فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللهمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافنا في أمرنا اللهمَّ اغفرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهم والأمواتِ ربنَا ءاتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقنا عذاب النار اللهم اجعلنا هداةً مهتدين غير ضالين ولا مضلين اللهمَّ استر عوراتِنا وءَامِن رَوعاتِنا واكفِنا ما أهمَّنا وقِنا شرَّ ما نتخوف.



عباد الله {إن الله يأمرُ بالعدل والإحسانِ وإيتاءِ ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعِظُكم لعلكم تذكَّرون} [سورة النحل] وأقم الصلاة.


مواضيع ذات صلة

<<< الدرس المقبل

الدرس السابق >>>