مواقع اخرى خدمات الصور الإسلامية فرق منحرفة المكتبة الصوتية
English  Francais  أهل السنة

التَّبَرُّكُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وآثارِهِ (4)

هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم (39)

بسم الله الرحمن الرحيم



التَّبَرُّكُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وآثارِهِ (4)



أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بِنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي بِالْبَطْحَاءِ الَّتي بِذِي الْحُلَيْفَةِ اهـ. أُسْوَةً بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ وَرَدَ أَنَّهُ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ وَصَلَّى بِهَا. وَقَالَ مَالِكٌ لا يَنْبَغي لأَحَدٍ أَنْ يُجَاوِزَ الْمُعَرَّسَ إِذَا قَفَلَ رَاجِعًا مِنَ الْمَدينَةِ اهـ.البطحاء موضع بمكّة. والْمُعَرَّسُ مَوْضِعٌ.



ويقال أنخت الجمل فاستناخ أي أبركته فبرك.



رَوَى البُخَارِيُّ في صَحيحِهِ عَنْ عَاصِمِ الأَحْوَلِ قَالَ رَأَيْتُ قَدَحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ قَدِ انْصَدَعَ فَسَلْسَلَهُ بِفِضَّةٍ قَالَ وَهْوَ قَدَحٌ جَيِّدٌ عَرِيضٌ قَالَ: قَالَ أنَسٌ وَقَدْ سَقَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في هَذَا الْقَدَحِ أَكْثَرَ مِنْ كَذَا وَكَذَا اهـ. قَالَ الْعَيْنِيُّ في عُمْدَةِ القَارِي: فيهِ أنَّ الشُّرْبَ مِنْ قَدَحِهِ وَءانِيَتِهِ مِنْ بَابِ التَّبَرُّكِ بِآثَارِهِ اهـ.



وقَالَ الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ في شَرْحِ الْبُخارِيِّ: وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ في مُخْتَصَرِ البخارِيِّ أَنَّهُ رَأَى في بَعْض ِالنُّسَخِ الْقَديْمَةِ مِنْ صَحيحِ الْبُخارِيِّ قالَ أبو عبدِ اللهِ البُخارِيُّ: رأَيْتُ هَذَا الْقَدَحَ في الْبَصْرَةِ وَشَرِبْتُ مِنْهُ وَكَانَ اشْتُرِيَ مِنْ مِيرَاثِ النَّضْرِ بنِ أنَسٍ بِثِمَانِمِائَةِ أَلْفٍ اهـ. قَالَ الْحَافِظُ النَّوَوِيُّ تَعْقِيبًا عَلى قَدَحِ أنَسٍ يَعْني الْقَدَحَ الَّذي شَرِبَ مِنْهُ رِسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هَذَا فيهِ التَّبَرُّكُ بِآثَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا مَسَّهُ أَوْ لَبِسَهُ أَوْ كَانَ مِنْهُ فيهِ سَبَبٌ وَهَذَا نَحْوُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ وَأَطْبَقَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ عَلَيْهِ مِنَ التَّبَرُّكِ بِالصَّلاةِ في مُصَلَّى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الرَّوْضَةِ الْكَرِيْمَة ودُخُولِ الغَارِ الَّذي دَخَلَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِ ذَلِكَ.



وَمِنْ هَذَا إِعْطَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم أَبَا طَلْحَةَ شَعَرَهُ لِيَقْسِمَهُ بَيْنَ النَّاسِ وَإِعْطَاؤُهُ صلى الله عليه وسلَّمَ حَقْوَهُ لِتُكَفَّنَ فيهِ ابْنَتُهُ رَضي اللهُ عَنْهَا وَجَعْلُهُ الْجَرِيدَتَيْنِ عَلى الْقَبْرَيْنِ، وَجَمَعَتْ بِنْتُ مَلْحَانَ عَرَقَهُ صلى الله عليه وسلم، وَتَمَسَّحُوا بِوَضُوئِهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَشْبَاهُ هَذِهِ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ في الصَّحيحِ وَكُلُّ ذَلِكَ وَاضِحٌ لا شَكَّ اهـ.







فَانْظُرْ رَحِمَكَ اللهُ إلى قَوْلِهِ "وَهَذَا نَحْوُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ وَأَطْبَقَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ عَلَيْهِ مِنَ التَّبَرُّكِ" ففي هَذَا إِعْلامٌ بِأَنَّ السَّلَفَ وَالْخَلَفَ كلّهمْ مُجْمِعُونَ على اسْتِحْسَانِ التَّبَرُّكِ بِكُلِّ مَا ذُكِرَ فَمَاذَا يَكُونُ بَعْدَ هَذَا قَوْلُ مَنْ شَذَّ فَحَرَّمَ ذَلِكَ أَوْ وَصَفَ الْفَاعِل بِالْمُبْتَدِعِ أَوِ الْمُشْرِكِ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ هَذَا الشَّاذِّ نَعْتًا لِلصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمينَ بِالشِّرْكِ وَالْبِدْعَةِ المنكرة وَأَعْظِمْ بذَلِكَ افْتِرَاءً، قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُ "مَا رَءاهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ وَما رَءاهُ الْمُسْلِمُونَ قَبيحًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ قَبِيحٌ"\



وَلَمَّا ثَبَتَ أنَّ الأُمَّةَ لا تَجْتَمِعُ على ضلالةٍ لِقَوْلِهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمْ: "لا تَجْتَمِعُ أمَّتي على ضَلالة" ثَبَتَ أنَّ مَا أجْمَعْت عَلَيْهِ الأُمَّة مِنْ جَوَازِ التَّبَرُّكِ بآثَارِ نَبِيِّهَا صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ هُوَ الْحَقُّ وَأنَّ مَنْ ضَلَّلَهُم وَكَفَّرَهُمْ هُوَ الضَّالُّ لأَنَّ "مَنْ قَالَ قَوْلاً يَتَوَصَّلُ بِهِ إلى تَضْلِيلِ الأُمَّةِ فَهُوَ مَقْطُوعٌ بِكُفْرِهَِ" قَالَهُ القَاضِي عِياضٌ الْمَالِكِيُّ وَالنَّوَوِيُّ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا.


مواضيع ذات صلة

<<< الدرس المقبل

الدرس السابق >>>