مواقع اخرى خدمات الصور الإسلامية فرق منحرفة المكتبة الصوتية
English  Francais  أهل السنة

أَقْوَالٌ يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهَا11

هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم (68)



بسم الله الرحمن الرحيم







أَقْوَالٌ يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهَا (11)







يَجِبُ التَّحْذِيرُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ (إِنَّ أَبَا طَالِبٍ يُخَفَّفُ عَنْهُ الْعَذَابُ لأَنَّهُ كَانَ يُدَافِعُ عَنِ الرَّسُولِ) وَهَذَا كَذِبٌ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِلْقُرْءَانِ، قَالَ تعالى "وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا" وَمُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ الصَّحيحِ الَّذي رَوَاهُ الْبُخَارِيِّ وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم "إِنَّ عَذَابَ أَبي طَالِبٍ في قَدَمَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُ رَأسِهِ".



كَمَا يَجِبُ التَّحْذِيرُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ (إِنَّ أَبا لَهَبٍ يُخَفَّفُ عَنْهُ في يَوْمِ الاثْنينِ لأَنَّهُ أَعْتَقَ ثُوَيْبَةَ حِينَ بُشِّرَ بِوِلادَةِ الرَّسُولِ) وَهَذَا بَاطِلٌ لِمُخَالَفَتِهِ الآيَةَ الْمَذْكُورَةَ ءانِفًا، وَالَّذي في الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْعَبَّاسَ رَأى في الْمَنَامِ أَنَّ أَبا لَهَبٍ يُسْقَى يَوْمَ الاثْنينِ قَدْرًا قَليلاً مِنَ الْمَاءِ لأَنَّهُ أَعْتَقَ ثُوَيْبَةَ حينَ بُشِّرَ بِوِلادَةِ الرَّسُولِ في يَوْمِ الاثْنينِ، وَهَذِهِ رُؤيا مَنَامِيَّةٌ لَهَا تَأوِيلٌ ولا يُبْنَى عَلَيْهَا دَلِيلٌ.



وَمِمَّا يَجِبُ التَّحْذِيرُ مِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ النَّاسِ (إِنَّ الرَّسُولَ لَمَّا انْقَطَعَ الْوَحْيُ ِعَنْهُ مُدَّةً كَانَ يُرِيدُ الانْتِحَارَ) وَنِسْبَةُ هَذَا لِنَبِيٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ كُفْرٌ فَإِنَّ الأَنْبَياءَ مَعْصُومونَ أَي مَحْفُوظُونَ مِنَ الْوُقُوعِ في الْكُفْرِ وَكَبَائِرِ الذُّنُوبِ وَصَغَائِرِ الذُّنُوبِ الَّتي فيها خِسَّةٌ وَدَنَاءَةٌ وَمَحْفُوظُونَ مِنَ الْهَمِّ بِذَلِكَ، وَالَّذي وَرَدَ في الْبُخَارِيِّ أَنَّ الرَّسُولَ حِينَ انْقَطَعَ عَنْهُ الْوَحْيُ بُرْهَةً ذَهَبَ مِنْ شِدَّةِ الشَّوْقِ إِلى بَعْضِ ذُرَى جِبَالِ مَكَّةَ وَهَمَّ أَنْ يُلْقِيَ بِنَفْسِهِ أَيْ مَعَ اعْتِقَادِهِ الْجَازِمِ أَنَّهُ لا يَنْضَرُّ بِذَلِكَ أيْ مِنْ بَابِ خَرْقِ الْعَادَةِ وَذَلِكَ تَخْفِيفًا لِلشَّوْقِ الْحَاصِلِ لَهُ مِنَ انْقِطَاعِ الْوَحْيِّ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَصَارَ يَقُولُ لَهُ "يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللهِ حَقًّا" لِلتَّخْفِيفِ عَنْهُ، كَمَا أَنَّ يُونُسَ بن مَتَّى حِينَ أَلْقَى نَفْسَهُ في الْبحْرِ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لا يَنْضَرُّ بِالْمَرَّةِ وَلَيْسَ في ذَلِكَ مَعْصِيَةٌ وَلَكِنْ وَقَعَ في بَعْضِ شُرُوحِ البْخَارِيِّ قَوْلُ إِنَّ الرَّسُولَ هَمَّ أن يُلْقِيَ بِنَفْسِهِ مِنْ ذرْوَةِ الْجَبَلِ لِيَنْتَحِرَ وَهَذَا كُفْرٌ وَالْعِياذُ باللهِ.



وَمِمَّا يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الْبَيْجِورِيُّ في شَرْحِ جَوْهَرَةِ التَّوْحِيدِ وَهُوَ قَوْلُهُ (يَنْبَغي أَنْ يَقُولَ لِلْمَرِيضِ ءاهٍ لأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ الله) وَهَذَا بَاطِلٌ مَرْدُودٌ وَذَلِكَ لِمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلَّم أَنَّهُ قَالَ "الْعُطَاسُ مِنَ اللهِ وَالتَّثَاؤبُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَهُ على فيهِ وَإِذَا قَالَ ءاه ءاه فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ يَضْحَكُ مِنْهُ" رَوُاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلَمْ يَرِدْ في حَدِيثٍ صَحيحٍ وَلا ضَعِيفٍ وَلا مَوْضُوعٍ أَنْ ءاه اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تعالى، وَإِنَّمَا الَّذي وَرَدَ بِإسْنَادٍ تَالِفٍ سَاقِطٍ –أي لا وَزْنَ لَهُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَديثِ بِالْمَرَّة- أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ :دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ وَعِنْدِي مَريضٌ يَئِنُّ فَقَالَ دَعُوهُ يَئِنُّ فَإِنَّ الأَنينَ اسْمٌ مِنْ أسْمَاءِ الله اهـ. وَالأَنينُ أَلْفَاظٌ عِدَّةٌ نَحْوُ عِشْرِينَ كَلِمَةً سَرَدَهَا الْحَافِظُ اللُّغَويُّ مُحَمَّد مُرْتَضى الزَّبِيديُّ في شَرْحِ الْقَامُوسِ وَعَدَّ مِنْ أَلْفَاظِ الأَنينِ أَوَّه وَأَوَّتَاه وَأَوَّاه وَءاه وَأه وَأهِ ثُمَّ قَالَ "وَهُنَّ اثْنَتَانِ وَعِشْرونَ لُغَةً تُقَالُ عِنْدَ الشِّكَايَةِ والتَّوَجُّعِ والتَّحَزُّنِ" اهـ. أَمَّا ما وَرَدَ في الْقُرْءانِ الْكَريْمِ في قَوْلِ اللهِ تعالى: "إِنَّ إِبْرَاهيمَ لأَوَّاهٌ حَليمٌ" فَقَدْ صَحَّ عَنِ ابْنِ مَسعُودٍ أَنَّهُ قَالَ "الأَوَّاهُ الْحَلِيمُ" رَوَاهُ ابنُ أبي حَاتِمٍ بِإسْنَادٍ حَسَنٍ.



وَيَكْفِي دَليلاً عَلى عَدَمِ كَوْنِهِ اسْمًا للهِ اتِّفَاقُ الْمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ على أَنَّ الأَنينَ يُبْطِلُ الصَّلاةَ وَقَدْ حَكَمَ بِوَضْعِ حَديثِ الأَنينِ الْمُحَدِّثُ الْحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ الصِّدِّيقِ الْغُمَاريُّ في كِتَابِهِ "الْمُغيرُ على الجامِعِ الصَّغير" وَأَفْرَدَ لَهُ رِسَالَةً مُسْتَقِلَّةً.والله أعلم.

مواضيع ذات صلة

<<< الدرس المقبل

الدرس السابق >>>