مواقع اخرى خدمات الصور الإسلامية فرق منحرفة المكتبة الصوتية
English  Francais  أهل السنة

ثبوت شهر الصيام شرعًا

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضد ولا ند له، وأشهد أنَّ سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدًا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه، صلى الله عليه وعلى كل رسول أرسله.

أما بعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليِّ العظيم القائل في محكم كتابه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ ءال عمران 102.

التقوى إخوة الإيمان كلمة خفيفة على اللسان ولكنها ثقيلة في الميزان، التقوى إخوة الإيمان هي لزوم طاعة الله، التقوى أيها الإخوة مدارها على أمرين عظيمين أداء الواجبات واجتناب المحرّمات فمن طاعة الله أن تلتزم بما جاء عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في السنّة المطهّرة في الحديث الشريف بالنسبة لثبوت شهر الصيام رمضانَ، فَبِنَصِّ حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عرفنا كيف يكون إثبات صيام رمضان كما عرفنا متى يكون انتهاؤه حيث قال صلوات ربي وسلامه عليه "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غمّ عليكم فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين يومًا"

وروى البخاريّ ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : "الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتّى تروه فإن غمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين".

وروى البخاريّ وغيره عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: "لا تقدّموا رمضان بيوم أو يومين صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غمّ عليكم فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين".

فبعد هذا البيان من السنّة المطهّرة لا يجوز اعتماد قول فلكيّ في إثبات رمضان فكلّ من الشهور العربية يعرف بدؤه ويعرف انتهاؤه بمراقبة الهلال والمسلمون سلفهم وخلفهم على هذا ثابتون وقد نصّ الفقهاء على أنه لا يجوز اعتماد قول فلكيّ في إثبات هلال رمضان وبالتالي فلا بدّ في ليلة الثلاثين من شعبان أن يراقب هلال رمضان فإن بان ثبت صيامه وإلا "فإن غمّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا".

فانظروا رحمكم الله تعالى بتوفيقه كيف نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن الصيام من غير مراعاة الرؤية أو استكمال شعبان ثلاثين عند عدم الرؤية.

وقد اتفق علماء المذاهب الأربعة على أنّ الأصل في تحديد أول رمضان هو التالي: يراقب الهلال بعد غروب شمس التاسع والعشرين من شعبان فإن رئي الهلال كان اليوم التاي أوّلَ رمضان وإن لم يرَ الهلال يكون اليومُ التالي الثلاثين من شعبان والذي بعده هو أوّل أيّام رمضان، فالعمدة على هذا ولا التفات إلى أقوال أهل الحساب والفلكيين ولا عبرة بكلامهم لتحديد ابتداء الصيام أو انتهائه.

فقد قال الحافظ وليّ الدين العراقي المتوفَّى سنة 826 هـ: إنّ جمهور أصحاب الشافعيّ على ذلك وإن الحكم يتعلّق بالرؤية دون غيرها قال : وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعيّ وجمهور العلماء من السلف والخلف. ا. هـ .

وقال ابن عابدين المتوفّى سنة 1252 هـ في حاشيته على الدرّ وهي من أشهر كتب السادة الحنفية: "قوله لا عبرة بقول الموقتين أي في وجوب الصوم على الناس" وقال : "لا يعتبر قولهم بالإحماع ولا يجوز للمنجِّم أن يعمل بحساب نفسه ".

فلو رأى مسلم عدل ثقة هلال رمضان في أيّ بقعة من بقاع الدنيا جاز لنا أن نصوم في مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان بناء على رؤيته. لذلك ينبغي التيقّن من رؤية الهلال قبل النوم أما من استيقظ صبيحة رمضان ووجد المسلمين صائمين وهو لم ينوِ الليلة الماضية لم يبيّت النيّة ما ثبت له الصيام، فلا بدّ إذًا من الاهتمام برؤية هلال رمضان والاعتماد في ذلك كما هو مقرّر عند الفقهاء سلفًا وخلفًا يكون على قول ثقة أما الاعتماد على الفلك في تحديد أوائل الشهور العربية فتلك مخالفة واضحة وصريحة لما جاء عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.فنصيحتنا لكلّ مسلم أن يتمسّك بما قاله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبما قاله فقهاء المذاهب الأربعة الذين أجمعت الأمّة على علو شأنهم وأن يدرس أحكام الصيام قبل دخول شهر رمضان من إنسان جمع بين المعرفة والعدالة وتلقّى هذا العلم عن مثله وهكذا بإسنادج متّصل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اللهمّ علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وأعنّا على الصيام والقيام وصلة الأرحام يا ربّ العالمين يا الله.

هذا واستغفر الله لي ولكم .

مواضيع ذات صلة

<<< الدرس المقبل

الدرس السابق >>>