مواقع اخرى خدمات الصور الإسلامية فرق منحرفة المكتبة الصوتية
English  Francais  أهل السنة

وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

أما بعد



يقول الله تعالى: { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)}[سورةالأحزاب].

اخوة الإيمان والاسلام

حريٌّ بنا أنْ نتكلمَ عن وفاةِ سيدِ الأُمةِ وإمامِ الأئمةِ مَنْ أرسلَهُ اللهُ للناسِ هدىً ورحمةً، لأن وفاته صلى الله عليه وسلم ليست كوفاة سائر الناس، إذ بموته صلى الله عليه وسلم انقطعت النبوات، وانقطع خبر السماء ووحي الله عن الأرض.



فهذا يُذكرنا بأن الدنيا دارُ ممرٍ والآخرةَ دارُ مقرٍ وبأن الموتَ حقٌ قد كتبه اللهُ على العباد، وأفضلَ العبادِ قد ماتَ ولا بد لكلِ واحدٍ منا أن يموتَ، فقد قال الله تعالى مخاطبا نبيه المصطفى في الكتاب: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30)} [سورة الزمر]، أي إنك ستموت وهم سيموتون.

وقال سبحانه: { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)} [سورة الأنبياء]، وقال: { إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)}[سورة النصر] .



إخوة الإسلام



بدأ المرض بالنبي صلى الله عليه وسلم في ليال بقين من صفر أو في مطلع شهر ربيع الأول، ‏ تقول السيدة عائشة رضي الله عنها :‏ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مِنْ ‏ ‏الْبَقِيعِ ‏ ‏فَوَجَدَنِي وَأَنَا أَجِدُ ‏‏ صُدَاعًا ‏ فِي رَأْسِي وَأَنَا أَقُولُ وَا رَأْسَاهُ فَقَالَ بَلْ أَنَا يَا ‏ ‏عَائِشَةُ ‏ ‏وَا رَأْسَاهُ .‏ رواه أحمد وابن ماجه. ‏



ثم أتم الدور على نسائه حتى اشتد به المرض وهو في بيت ميمونة فدعا نساءه فاستأذنَهُنَّ أن يمرّض في بيت عائشة، فأذنّ له.



‏ ‏قَالَتْ عائشة : ‏لَمَّا دَخَلَ بَيْتِي وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ قَالَ:‏ ‏أَصَلَّى النَّاسُ قُلْنَا لَا وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ضَعُوا لِي مَاءً فِي‏‏ الْمِخْضَبِ ‏فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ ‏ ‏لِيَنُوءَ أي لينهض ‏ ‏فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ أَصَلَّى النَّاسُ قُلْنَا لَا وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ‏ ‏فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ ‏ ‏لِيَنُوءَ ‏ ‏فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ أَصَلَّى النَّاسُ قُلْنَا لَا وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ ‏ ‏فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ ‏ ‏لِيَنُوءَ ‏ ‏فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ أَصَلَّى النَّاسُ فَقُلْنَا لَا وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَتْ: وَالنَّاسُ ‏ ‏عُكُوفٌ ‏ ‏فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ، فقَالَ الرسول :مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلّ بِالنّاسِ" فقَالَتْ عائشة : يَا نَبِيّ اللّهِ إنّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ، ضَعِيفُ الصّوْتِ، كَثِيرُ الْبُكَاءِ إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ، فقَالَ "مُرُوهُ فَلْيُصَلّ بِالنّاسِ"



ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا ‏ ‏الْعَبَّاسُ والآخر عليٌّ ‏ ‏لِصَلَاةِ الظُّهْرِ ‏ ‏وَأَبُو بَكْرٍ ‏ ‏يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَلَمَّا رَآهُ ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ ‏ ‏فَأَوْمَأَ ‏ ‏إِلَيْهِ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ وَقَالَ لَهُمَا أَجْلِسَانِي إِلَى جَنْبِهِ فَأَجْلَسَاهُ إِلَى جَنْبِ ‏ ‏أَبِي بَكْرٍ ‏ ‏وَكَانَ ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏يُصَلِّي وَهُوَ قَائِمٌ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ ‏ ‏أَبِي بَكْرٍ ‏ ‏وَالنَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَاعِدٌ .



ثم جَلَسَ الرسول عَلَى الْمِنْبَرِ فكَانَ أَوّلَ مَا تَكَلّمَ بِهِ أَنّهُ صَلّى عَلَى أَصْحَابِ أُحُدٍ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وأوصى المهاجرين بالأنصار خيرا، ثُمّ قَالَ "إنّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللّهِ خَيّرَهُ اللّهُ بَيْنَ الدّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللّهِ" .

فَفَهِمَهَا أَبُو بَكْرٍ وَعَرَفَ أَنّ نَفْسَهُ يُرِيدُ فَبَكَى وَقَالَ بَلْ نَحْنُ نَفْدِيك بِأَنْفَسِنَا وَأَبْنَائِنَا، فَقَالَ "عَلَى رِسْلِك يَا أَبَا بَكْرٍ"، ثُمّ قَالَ "اُنْظُرُوا هَذِهِ الْأَبْوَابَ اللّافِظَةَ فِي الْمَسْجِدِ فَسُدّوهَا إلّا بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ فَإِنّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا كَانَ أَفْضَلَ فِي الصّحْبَةِ عِنْدِي يَدًا مِنْهُ"



ثم عاد الى بيت عائشة واشتد عليه المرض وامتنع عن الخروج للناس، و‏جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ الكرب فَقَالَتْ ‏ ‏فَاطِمَةُ ‏ ‏عَلَيْهَا السَّلَام ‏ ‏وَا كَرْبَ أَبَاهُ فَقَالَ لَهَا ‏ ‏لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ. ‏ ‏ثُمَّ إِنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ ‏‏ ‏ثُمَّ إِنَّهُ سَارَّهَا فَضَحِكَتْ،‏ فسُئِلَتْ بعد وفاته، فَقَالَتْ إِنَّهُ كَانَ حَدَّثَنِي ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏جِبْرِيلَ ‏ ‏كَانَ ‏ ‏‏يُعَارِضُهُ ‏ ‏بِالْقُرْآنِ أي يذاكره كُلَّ عَامٍ مَرَّةً وَإِنَّهُ عَارَضَهُ بِهِ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ وَلَا ‏ ‏أُرَانِي إِلَّا قَدْ حَضَرَ أَجَلِي وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لُحُوقًا بِي وَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ فَبَكَيْتُ لِذَلِكَ ثُمَّ إِنَّهُ سَارَّنِي فَقَالَ أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ‏ ‏فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ.



وبَيْنَما المسلمونْ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ ‏ ‏الِاثْنَيْنِ ‏ ‏وَأَبُو بَكْرٍ ‏ ‏يُصَلِّي بهمْ لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَدْ ‏ ‏كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِي صُفُوفِ الصَّلَاةِ ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ ‏ ‏فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا رَأَى مِنْ حُسْنِ حَالِهِمْ رَجَاءَ أَنْ يَخْلُفَهُ اللَّهُ فِيهِمْ بِالَّذِي رَآهُمْ وقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ‏ ‏أَيُّمَا أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ ‏ ‏أَوْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ‏ ‏أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فَلْيَتَعَزَّ ‏ بِمُصِيبَتِهِ بِي عَنْ الْمُصِيبَةِ الَّتِي تُصِيبُهُ بِغَيْرِي فَإِنَّ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِي لَنْ يُصَابَ بِمُصِيبَةٍ بَعْدِي أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ مُصِيبَتِي.



ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ وَأَرْخَى السِّتْرَ ‏، فتوفي من يومه.





تقول السيدة عَائِشَة : "رَأَيْت رسول الله وَهُوَ يَمُوت وَعِنْده قَدَح فِيهِ مَاء، فَيُدْخِل يَده فِي الْقَدَح ثُمَّ يَمْسَح وَجْهه بِالْمَاءِ ثُمَّ يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا اللَّه، إِنَّ لِلْمَوْتِ لَسَكَرَات، اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى سَكَرَات الْمَوْت"



ثم َسَمِعْتُه ‏يقول: ‏{ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا (69)}[سورة النساء].



مات رسول الله مات حبيب الله مات سيد الخلق فقَالَتْ فاطمة: يَا ‏ ‏أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ يَا ‏ ‏أَبَتَاهْ مَنْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ ‏ ‏مَأْوَاهْ يَا ‏ ‏أَبَتَاهْ إِلَى ‏ ‏جِبْرِيلَ ‏ ‏نَنْعَاهْ.





وجاءت التعزية يسمعون الصوت ولا يرون الشخص: السلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله وبركاته { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (185)} [سورة آل عمران].



إن في الله عزاءً عن كلِ مصيبة، وخلفًا من كلِ هالك، ودرَكًا من كلِ فائت، فبالله ثقوا، وإياه فارجوا، إنما المصابُ مَن حُرِمَ الثواب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كَانُوا يَرَوْنَ أَنّهُ الْخَضِرُ عليه السلام.



‏ثم وصل الخبر الى‏ ‏أَبَي بَكْرٍ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فأَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ مِنْ مَسْكَنِهِ ‏ ‏بِالسُّنْحِ.



(‏إِنَّهُ مَنَازِل بَنِي الْحَارِث مِنْ الْخَزْرَج بِالْعَوَالِي، وَبَيْنه وَبَيْن الْمَسْجِد النَّبَوِيّ مِيل) ‏حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يُكَلِّمْ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏فقصد رَسُولَ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ فَقَبَّلَهُ بَيْن عَيْنَيْهِ وَبَكَى ‏‏وَقَالَ وَا ‏نَبِيَّاهْ وَا‏ ‏خَلِيلَاهْ وَا‏ ‏صَفِيَّاهْ ثُمَّ قَالَ ‏ ‏بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، إنا لله وإنا إليه راجعون ،مات رسول الله .



‏ثم‏ ‏خَرَجَ الرجل المتمكن أبو بكر ليخبر الأمة، فَحَمِدَ اللَّهَ ‏وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثم قَالَ: ‏أَمَّا بَعْدُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ ‏ ‏مُحَمَّدًا ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَإِنَّ ‏ ‏مُحَمَّدًا ‏ ‏قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، قَالَ اللَّهُ تعالى: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30)}[سورة الزمر]، وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ (144)}[سورة ءال عمران]‏.



فبكى الناس والْغُصَّة في حلوقهم‏.. فمنهم من دُهش فخُولِط، ومنهم من أُقعِد فلم يُطِق القيام، ومنهم من اعتُقِل لسانُه فلم يُطِقِ الكلام.



‏‏و‏قَالَ عُمَرُ:‏ ‏وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا ‏ ‏أَنْ سَمِعْتُ ‏ ‏أَبَا بَكْرٍ ‏ ‏تَلَاهَا حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلَايَ وَحَتَّى أَهْوَيْتُ إِلَى الْأَرْضِ فعَلِمْتُ أَنَّ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَدْ مَاتَ.



قَالَ ابن عباس: وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ حَتَّى تَلَاهَا ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ فَمَا أَسْمَعُ بَشَرًا مِنْ النَّاسِ إِلَّا يَتْلُوهَا.



بعد ذلك لَمّا أَرَادُوا غَسْلَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اخْتَلَفُوا فِيهِ.

فَقَالُوا: وَاَللّهِ مَا نَدْرِي، أَنُجَرّدُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ ثِيَابِهِ كَمَا نُجَرّدُ مَوْتَانَا، أَوْ نُغَسّلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ؟ فأَلْقَى اللّهُ عَلَيْهِمْ النّوْمَ حَتّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إلّا ذَقْنُهُ فِي صَدْرِهِ ثُمّ كَلّمَهُمْ مُكَلّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ أَنْ اغْسِلُوا النّبِيّ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ ، فَأَسْنَدَهُ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى صَدْرِهِ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ وَكَانَ ‏ ‏الْعَبَّاسُ‏ ‏وَالْفَضْلُ ‏وَقُثَمُ ‏ ‏يُقَلِّبُونَهُ مَعَهُ ‏وَكَانَ ‏ ‏أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ‏ وَشُقْرَانُ يَصُبَّانِ الْمَاءَ وَجَعَلَ ‏ ‏عَلِيٌّ ‏ ‏يَغْسِلُهُ وَهُوَ يَقُولُ بِأَبِي وَأُمِّي مَا أَطْيَبَكَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وحضر معهم ‏أَوْسُ بْنُ خَوْلِيِّ الْأَنْصَارِيُّ.



فَلَمّا فُرِغَ مِنْ غُسْلِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كُفّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثَوَابٍ بيض.



ثم رُفِعَ فِرَاشُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الّذِي تُوُفّيَ عَلَيْهِ فَحُفِرَ لَهُ تَحْتَهُ، ووضع على سريره على شفير القبر.

قال علي: لقد سمعنا همهمة ولم نر شخصا سمعنا هاتفا يقول ادخلوا رحمكم الله فصلوا على نبيكم.



ثُمّ دَخَلَ النّاسُ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُصَلّونَ عَلَيْهِ أرسالا، لَا يَؤُمّهُمْ أَحَدٌ، دَخَلَ الرّجَالُ حَتّى إذَا فَرَغُوا دَخَلَ النّسَاءُ حَتّى إذَا فَرَغَ النّسَاءُ دَخَلَ الصّبْيَانُ.



وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ اخْتَلَفُوا فِي دَفْنِهِ.

فَقَالَ قَائِلٌ نَدْفِنُهُ فِي مَسْجِدِهِ وَقَالَ قَائِلٌ بَلْ نَدْفِنُهُ مَعَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إنّي سَمِعْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ



{لَنْ ‏يُقْبَرَ ‏ ‏نَبِيٌّ إِلَّا حَيْثُ يَمُوتُ}.



ثُمّ دُفِنَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ وَسَطِ اللّيْلِ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ.

ودفن في اللحد، وبني عليه في لحده اللبّن، ثم أهالوا عليه التراب، وجعل قبره عليه الصلاة والسلام مسطحا، ورشّ عليه الماء رشا.



وَكَانَ الّذِينَ نَزَلُوا فِي قَبْرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ العباس عمه وعَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبّاسٍ، وَقُثَمُ بْنُ عَبّاسٍ، وَشُقْرَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ.



فَلَمَّا دُفِنَ رسول الله قَالَتْ ‏ ‏فَاطِمَةُ ‏ ‏عَلَيْهَا السَّلَام ‏‏ ‏أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ ‏ ‏تَحْثُوا ‏ ‏عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏التُّرَابَ.


مواضيع ذات صلة

<<< الدرس المقبل

الدرس السابق >>>