الصفحة الرئيسية ||فهرس كتاب عمرو خالد في ميزان الشريعة || فهرس الكتب

عمرو خالد

                                                                                                                                                                                          
 

عمرو خالد يحرم أن يسأل الشخص ‏غير الله


قال في كتابه المسمى ((عبادات ‏المؤمن)) صحيفة (69): ((فلا يصح ‏أن يذل المسلم نفسه ويطرق أبواب ‏الناس ويسألهم العون ولا يطرق ‏باب رب الناس وقد صدق من قال:‏ لا تـسـألـنَّ بُـنـي ءادم حـاجةً ‏وسـلِ الـذي أبـوابـه لا تـحـجـب ‏فـالله يـغـضـب إن تـركـت سـؤالـه ‏وبني ءادم حين يُسأل يغضب)) اهـ ‏‏ وقال في صحيفة (153) من ‏الكتاب عينه: ((وقد صدق النبي ‏صلى الله عليه وسلم إذ يقول: من لم ‏يسأل الله يغضب عليه)) اهـ.‏ ثم قال في صحيفة (154): ((نعم . . ‏الله يغضب إذا لم يسأله العبد)) اهـ. ‏وقال في صحيفة (160): ((وإياك ‏أن تسأل أحدًا غير الله تعالى فإن ‏ذلك خضوعًا وذلا لغير الله والمسلم ‏لا يخضع ولا يذل إلا لربه سبحانه)) ‏اهـ.‏

الرد:

: إن ما قال عمرو باطل وليس ‏بصحيح وقد خرق بذلك الكتاب ‏والسنة والإجماع والعرف حيث إنه ‏من زمن ءادم وحتى عصرنا هذا ما ‏زال الناس يستعينون ببعضهم ‏ويطرقون أبواب بعضهم ويسألون ‏بعضهم العون ولم يأتِ نصٌّ واحد ‏بتحريم هذا الأمر كما فعل عمرو بل ‏ورد في الحديث ((والله في عون ‏العبد ما كان العبد في عون أخيه)) ثم ‏أليس الدَّيْنُ مشروعًا والقرءان شرع ‏لنا الدين فقال تعالى: {يأيها الذين ‏ءامنوا إذا تداينتم بدين}الآية ‏‏[282/سورة البقرة] وتُعرف بآية ‏الدَّين وهي أطول ءاية في القرءان، ‏وهل يكون القرض والدين إلا ‏للإعانة والمواساة وهل يطلب أحد ‏من أحد قرضًا إلا مستعينًا به.‏

أليس الناس يطرقون أبواب بعضهم ‏ويسأل بعضهم بعضًا ولم يقل الله ‏تعالى إياكم والدين ولم يقل سلوا الله ‏ولا تسألوا غيره، ألم تسمع قول الله ‏تعالى: {وأما السائل فلا تنهر} ‏‏[10/سورة الضحى]، وقد جاء في ‏الأثر: ((ومن سألكم بوجه الله ‏فأعطوه)) رواه أبو داود والنَّسائي ‏وأحمد، وروى النَّسائي وأحمد أن ‏رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم ‏فسأله فأعطاه، وروى مسلم وأحمد: ‏‏((ما سُئل رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم قطُّ فقال لا))، وروى البخاري ‏ومسلم وأبو داود والترمذي وأحمد ‏أنه قال: ((ومن كان في حاجة أخيه ‏كان الله في حاجته)).‏

وأما ما روي عن النبي صلى الله ‏عليه وسلم: ((وإذا سألت فاسأل الله . ‏‏. .)) الحديث فالرسول لم يقل وإذا ‏سألت فلا تسأل غير الله فكيف تقول ‏يا عمرو لا يصح أن يذل نفسه ‏وكيف تحرم على الناس أن يستعينوا ‏ببعضهم أو أن يسألوا بعضهم كيف ‏ترد هذه النصوص المباركة، وإلا ‏إن كان الأمر كما تقول لكان الله ‏أمرنا بنهر السائل ورد المحتاج، وقد ‏سبق أنه ثبت في الحديث: ((والله في ‏عون العبد ما كان العبد في عون ‏أخيه)).‏

 وأما البيتان اللذان استشهدت بهما ‏فليسا دليلا شرعيًّا فلا حاجة للكلام ‏عليهما زيادة على ما ذكرنا ونذكر. ‏وأما استشهادك بالحديث: ((من لم ‏يسأل الله يغضب عليه)) فهو حديث ‏غير ثابت وهذا الحديث مرويٌّ من ‏رواية أبي صالح الخُوزِي وقد ‏ضعَّفه يحيى بن معين كما ذكر ذلك ‏ابن حجر في الفتح.‏

وهناك بيت شعر عكس الذي رويت فقد ‏قال أحدهم:‏

الناس للناس من بدو ومن حَضَر  --  ‏بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم

 ثم اعلم أن الله تعالى لا يغضب على ‏عبده إن ترك سؤاله إلا في حالة ‏واحدة حيث إن سؤال الله فرض ‏وهو في قوله {اهدنا الصراط ‏المستقيم} [6/ سورة الفاتحة] إلى ‏ءاخر السورة وذلك في الصلاة لأن ‏الصلاة لا تصح بغير الفاتحة فلذا ‏كان السؤال فرضًا في هذا الحال ‏وعلى هذا يكون معنى الحديث إن ‏صح، ومعنى الآية اهدنا الصراط ‏المستقيم أي ثبتنا على الإسلام.‏

ثم ألا تخجل من أن تقول إياك أن ‏تسأل أحدًا غير الله ومن قال لك يا ‏عمرو هذا؟ وهل نأخذ ديننا من ‏الشعر؟ من قال إنه لا يجوز سؤال ‏غير الله مطلقًا؟ ومن قال لك سؤال ‏غير الله خضوع وذل مطلقًا؟ ألم تقرأ في كتاب الله تعالى: {وإذا ‏سألتموهن متاعا فسالوهن من وراء ‏حجاب} [53/سورة الأحزاب] فهذه ‏الآية عن نساء النبي فالله سبحانه ‏وتعالى لم يقل وإذا سألتموهن سؤالا ‏بل قال متاعًا فالله أرشدنا إلى طريقة ‏سؤال هذا المتاع ولو كان في الأمر ‏ذلة وخضوع غير مشروع لغير الله ‏فكيف يرشدنا الله لهذا الأمر، وطالما ‏سؤال العبد عندك حرام فهل يأمر ‏الله بالمنكر يا عمرو؟!!!!‏

وقال تعالى {وءاتى المال على حبه ‏ذوى القربى واليتامى والمساكين ‏وابن السبيل والسائلين} ‏‏[177/سورة البقرة] فانظر إلى قوله ‏تعالى يمدح من كانت هذه الصفة فيه ‏ومن جملة ذلك إعطاء المال ‏للسائلين، ثم إن الله تعالى ذم في ‏القرءان الكريم من {ويمنعون ‏الماعون} [7/سورة الماعون] فهل ‏بعد ذلك تهرف بما لا تعرف ‏وتتسرع؟؟! فاحذر فإن القبر أمامك ‏ولا يغرنك جهلة يطبلون ويزمرون ‏وينفخون برأسك.‏

<>ثم ألم تقرأ قول الله حكايًا عن سيدنا ‏يوسف {وقال للذي ظَنَّ أنه نَاج ‏منهما اذكرني عند ربك} ‏‏[42/سورة يوسف] فهل تعترض يا ‏عمرو على سيدنا يوسف لأنه سأل ‏المخلوق ولم يسأل الخالق ألم يقل له ‏اذكرني؟ ألم يسأله؟ فيوسف لم يقل ‏اللهم ألهم هذا الرجل أن يذكرني عند سيده من غير طلب من السجين الذي كان معه بل طلب من السجين فهل خضع و ذل يوسف لغير الله على زعمك يا عمرو؟

و هذا ذو القرنين الذي ورد ذكره في القرءان الكريم في سورة الكهف قيل هو نبي و قيل وليِّ فقد شكا له قوم من يأجوج و مأجوج فقال الله حاكياً عنه:{ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً (60)} [ سورة الكهف ] فذو القرنين طلب العون منهم فأين الخضوع و الذل لغير الله في ذلك يا عمرو؟

« الموضوع السابق

الموضوع التالى »