[11][10][9][8][7][6][5][4] [3] [1]


ذكر النقول من المذاهب الأربعة وغيرها على أن أهل السنة يقولون: الله موجود بلا مكان ولاجهة

 

 

14- وسئل ذو النون عن معنى قوله تعالى ( الرَّحمنُُ على العرش استوى ) (طه/5)، فقال (3): أثبت ذاته ونفى مكانه، فهو موجود بذاته والأشياء موجودة بحكمة كما شاء سبحانه ! اهـ.[ الرسالة القشيرية (ص/6). ]

 =================================================

 

15- وكذا كان على هذا المعتقد الإمام شيخ المحدثين أبو عبد الله محمد ابن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح (256 هـ) فقد فهم شراح صحيحه أن البخاري كان ينزه الله عن المكان والجهة.


قال الشيخ علي بن خلف المالكي المشهور بابن بطال أحد شراح البخاري (449هـ) ما نصه : "غرض البخاري في هذا الباب الرد على الجهمية المجسمة في تعلقها بهذه الظواهر، وقد تقرر أن الله ليس بجسم فلا يحتاج إلى مكان يستقر فيه، فقد كان ولا مكان، وانما أضاف المعارج اليه إضافة تشريف، ومعنى الارتفاع إليه اعتلاؤه- أي تعاليه- مع تنزيهه عن المكان " اهـ.

[فتح الباري (13/416).]

 

وقال الشيخ ابن المنيِّر المالكي (695 هـ) ما نصه:"جميع الأحاديث في هذه الترجمة مطابقة لها إلا حديث ابن عباس فليس فيه إلا قوله "رب العرش"  ومطابقته، والله أعلم من جهة أنه نبه على بطلان قول من أثبت الجهة أخذا من قوله (ذِى المَعَارِجِ) (سورة المعارج/3) ، ففهم أن العلو الفوقي مضاف إلى الله تعالى، فبيَّن المصنف- يعني البخاري- أن الجهة التي يصدق عليها أنها سماء والجهة التي يصدق عليها أنها عرش، كل منهما مخلوق مربوب محدث، وقد كان الله قبل ذلك وغيره، فحدثت هذه الأمكنة، وقدمه يحيل وصفه بالتحيز فيها" اهـ، نقله عنه الحافظ ابن حجر وأقره عليه .[ فتح الباري (13/ 418- 419). ]

=================================================

 

16- وقال الإمام الحافظ المجتهد أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (310 هـ) ما نصه (2): "القول في الدلالة على أن الله عز وجل القديم الأول قبل كل شىء، وأنه هو المحدث لكل شىء بقدرته تعالى ذكره فمن الدلالة على ذلك أنه لا شىء في العالم مشاهد إلا جسم أو قائم بجسم، وأنه لا جسم إلا مفترق أو مجتمع، وأنه لا مفترق منه إلا وهو موهوم فيه الائتلاف إلى غيره من أشكاله، ولا مجتمع منه إلا وهو موهوم فيه الافتراق، وأنه متى عدم أحدهما عدم الاخر معه، وأنه إذا اجتمع الجزءان منه بعد الافتراق، فمعلوم أن اجتماعهما حادث فيهما بعد أن لم يكن،. وأن الافتراق إذا حدث فيهما بعد الاجتماع فمعلوم أن الافتراق فيهما حادث بعد أن لم يكن. وإذا كان الأمر فيما في العالم من شىء كذلك، وكان حكم ما لم يشاهد وما هو من جنس ما شاهدنا في معنى جسم أو قائم بجسم، وكان ما لم يخل من الحدث لا شك أنه محدث بتأليف مؤلف له إن كان مجتمعا، وتفريق مفرق له إن كان مفترقا, وكان معلوما بذلك أن جامع ذلك إن كان مجتمعا، ومفرقه إن كان مفترقا من لا يشبهه ومن لا يجوز عليه الاجتماع والافتراق وهو الواحد القادر الجامع بين المختلفات الذي لا يشبهه شىء، وهو على كل شىء قدير. فبين بما وصفنا أن بارىء الأشياء ومحدثها كان قبل كل شىء [ أي وقبل الزمان والمكان وغيرهما من المخلوقات.] ، وأن الليل والنهار والزمان والساعات محدثات، وأن محدثها الذي يدبرها ويصرفها قبلها ، إذ كان من المحال أن يكون شىء يحدث شيئا إلا ومحدثه قبله، وأن في قوله تعالى ذكره (أفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ {17} وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ {18} وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ {19} وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْف سُطِحَتْ {20})(الغاشية)، لأبلغ الحجج وأدل الدلائل لمن فكر بعقل واعتبر بفهم على قدم بارئها، وحدوث كل ما جانسها، وأن لها خالقا لا يشبهها" اهـ.[(2) تاريخ الطبري (1/ 25). ]



=================================================

 

17- ثم قال : "فتبين إذا أن القديم بارىء الأشياء وصانعها هو الواحد الذي كان قبل كل شىء ، وهو الكائن بعد كل شىء، والأول قبل كل شىء، والآخر بعد كل شىء، وأنه كان ولا وقت ولا زمان ولا ليل ولا نهار، ولا ظلمة ولا نور ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا نجوم، وأن كل شىء سواه محدث مدبر مصنوع، انفرد بالخلق جميعه بغير شريك ولا معين ولا ظهير، سبحانه من قادر قاهر" اهـ.[ تاربخ الطبري (1/ 26). ]

=================================================

 

18- وقال أيضا عند  تفسير قول الله تعالى: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ) (سورة الحديد/3) ما نصه: لا شىء أقرب إلى شىء منه كما قال: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) سؤرة ق/16).[جامع البيان (مجلد13/جزء 27/215).]


 

أي أن القرب المسافي منفيٌّ عن الله، فالذي في رأس الجبل والذي في أسفل الوادي هما بالنسبة إلى الله تعالى من حيث المسافة على حد سواء لأن الله تعالى منزه عن القرب الحسّي أي القرب بالمسافة، أما القرب المعنوي فلا ينفيه هذا الإمام ولا غيره من علماء المسلمين. فهذا دليلءاخر أن السلف كانوا ينزهون الله عن الجهة.


=================================================

 

19- وقال اللغوي إبراهيم بن السري الزجاج أحد مشاهير اللغويين (311 هـ) ما نصه : العلي: هو فعيل في معنى فاعل، فالله تعالى عال على خلقه وهو عليٌّ عليهم بقدرته، ولا يجب أن يذهب بالعلو ارتفاع مكاني، إذ قد بينا أن ذلك لا يجوز في صفاته تقدست، ولا يجوز أن يكون على أن يتصور بذهن، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا" اهـ.[تفسير اسماء الله الحسنى (ص/48).]


=================================================

 

20- وقال أيضا : "والله تعالى عال على كل شىء، وليس المراد بالعلو: ارتفاع المحلِّ، لأن الله تعالى يجل عن المحل والمكان، وإنما العلو علو الشأن وارتفاع السلطان " اهـ.[تفسير اسماء الله الحسنى (ص/ 60).]

 =================================================

21- وقال الإمام الحافظ الفقيه أبو جعفر أحمد بن سلامة الطحاوي الحنفي (321 هـ)  في رسالته (العقيدة الطحاوية) ما نصه: "وتعالى- أي الله- عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات " اهـ.
 

الطحاوي هو من علماء السلف، قال في أول رسالته: "هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة  أي أن هذه هي عقيدة السلف من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين في تنزيه الله عن المكان والجهة والجسمية، وكلام الطحاوي في غاية الأهمية فهو من علماء الحديث ومن علماء الفقه وهو حنفيّ أبضا. وهذه العقيدة تدرس في أنحاء الأرض في المعاهد والجامعات الاسلامية.
=================================================

 

22- وقال إمام أهل السنة أبو الحسن الأشعري (324 هـ) رضي الله عنه ما نصه : " كان الله ولا مكان فخلق العرش والكرسي ولم يحتج إلى مكان، وهو بعد خلق المكان كما كان قبل خلقه " اهـ أي بلا مكان ومن غير احتياج إلى العرش والكرسي. نقل ذلك عنه الحافظ ابن عساكر نقلا عن القاضي أبي المعالي الجويني.[تبيين كذب المفتري (ص/ 150).]

=================================================

 

23- وقال أيضا ما نصه: "فأما الحركة والسكون والكلام فيهما فأصلهما موجود في القرءان وهما يدلان على التوحيد، وكذلك الاجتماع والافتراق، قال الله تعالى مخبرا عن خليله إبراهيم صلوات الله عليه وسلامه –( لَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ) (الانعام/76) في قصة أفول الكوكب والشمس والقمر وتحريكها من مكان إلى مكان ما دل على أن ربه عز وجل لا يجوز عليه شىء من ذلك، وأن من جاز عليه الأفول والانتقال من مكان إلى مكان فليس بإله " اهـ. [أنظر رسالته استحسان الخوض في علم الكلام (ص/ 45).]


=================================================

 

24- وقال إمام أهل السنة أبو منصور الماتريدي (333 هـ) رضي الله عنه ما نصه : "إن الله سبحانه كان ولا مكان، وجائز ارتفاع الأمكنة وبقاؤه على ما كان، فهو على ما كان، وكان على ما عليه الان، جل عن التغير والزوال والاستحالة" اهـ. يعني بالاستحالة التحول والتطور والتغير من حال إلى حال وهذا منفي عن الله ومستحيل عليه سبحانه وتعالى.[كتاب التوحيد (ص/ 69).]

 

والإمام محمد بن محمد الشهير بأبي منصور الماتريدي إمام جليل من أئمة السلف الصالح مناضل عن الدين موضح لعقيدة أهل السنة التي كان عليها الصحابة ومن تبعهم بإيراد أدلة نقلية من القرءان والحديث وأدلة عقلية مع رد شبه المعتزلة وذوي البدع في مناظراتهم وخصمهم في محاوراتهم حتى أسكتهم، ومجاهد في نصرة السنة وإحياء الشريعة حتى لقب بإمام أهل السنة.


=================================================

 

25- قال في كتابه "التوحيد" في إثبات رؤية المؤمنين لله في الاخرة ما نصه : "فإن قيل: كيف يرى؟ قيل: بلا كيف، إذ الكيفية تكون لذي صورة، بل يرى بلا وصف قيام وقعود واتكاء وتعلق، واتصال وانفصال، ومقابلة ومدابرة، وقصير وطويل، ونور وظلمة، وساكن ومتحرك، ومماس ومباين، وخارج وداخل، ولا معنى يأخذه الوهم أو يقدره العقل لتعاليه عن ذلك "اهـ.[كتاب التوحيد (ص/ 85).]

 

فالماتريدي يصرح بنفي الجهة عن الله تعالى، وهذا فيه رد أيضا على المجسمة والمشبهة الوهابية اتباع ابن تيمية الذين يزعمون أن السلف يقولون بإثبات الجهة، فتمسك بما قاله الماتريدي تكن على هدى.

=================================================

 

26- وقال أيضا: "وأما رفع الايدي إلى السماء فعلى العبادة، ولله أن يتعبد عباده بما شاء، ويوجههم إلى حيث شاء، وإن ظن من يظن أن رفع الأبصار إلى السماء لأن الله من ذلك الوجه إنما هو كظن من يزعم أنه إلى جهة أسفل الأرض بما يضع عليها وجهه متوجها في الصلاة ونحوها، وكظن من يزعم أنه في شرق الأرض وغربها بما يتوجه إلى ذلك في الصلاة، أو نحو مكة لخروجه إلى الحج، جل الله عن ذلك ". انتهى باختصار.[كتاب التوحيد (ص/ 75- 76).]

=================================================

27- وقال الحافظ محمد بن حبان (354 هـ) صاحب الصحيح المشهور بصحيح ابن حبان ما نصه : "الحمد لله الذي ليس له حد محدود فيحتوى، ولا له أجل معدود فيفنى، ولا يحيط به جوامع المكان ولا يشتمل عليه تواتر الزمان". [الثقات (1/ 1)]

 

=================================================

 

28- وقال أيضا ما نصه : "كان- الله- ولا زمان ولا مكان" اهـ.[صحيح ابن حبان، أنظر الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (8/ 4).]


=================================================

 

29- وقال أيضا : "كذلك ينزل- يعني الله- بلاءالة ولا تحرك ولا انتقال من مكان إلى مكان " اهـ.[صحيح ابن حبان، أنظر الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (2/ 136)]


=================================================

 

30- وقال الصوفي أبو عثمان المغربي سعيد بن سلام (373 هـ) فيما نقله عنه أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري (469 هـ) ونصه : " سمعت الإمام أبا بكر محمد بن الحسن بن فورك رحمه الله تعالى يقول: سمعت محمد بن المحبوب خادم أبي عثمان المغربي يقول: قال لي أبو عثمان المغربي يوما: يا محمد، لو قال لك أحد: أين معبودك أيش تقول؟ قال: قلت أقول حيث لم يزل، قال: فإن قال أين كان في الأزل، أيش تقول؟ قال: قلت أقول حيث هو الان، يعني أنه كما كان ولا مكان فهو الآن كما كان، قال: فارتضى مني ذلك ونزع قميصه وأعطانيه " اهـ.[الرسالة القشيرية (ص/ 5).]


=================================================

 

 وهو الصوفي الزاهد الشيخ سعيد بن سلام أبو عثمان المغربي، قال عنه الحافظ الخطيب البغدادي : "ورد بغداد وأقام بها مدة ثم خرج منها إلى نيسابور فسكنها، وكان من كبار المشايخ له أحوال مأثورة وكرامات مذكورة " اهـ.[تاريخ بغداد (9/ 112).]


=================================================

 

31- قال أبو القاسم القشيري ما نصه : سمعت الإمام أبا بكر بن فورك رحمه الله تعالى يقول سمعت أبا عثمان المغربي يقول: كنت أعتقد شيئا من حديث الجهة فلما قدمت بغداد زال ذلك عن قلبي، فكتبت إلى أصحابنا بمكة إني أسلمت الان إسلاما جديدا" اهـ.[الرسالة القشيرية (ص/ 5).]

=================================================

 

32- وقال الشيخ أبو بكر محمد بن إسحق الكلاباذي الحنفي (385 هـ) في بيان عقيدة الصوفية ما نصه (اجتمعت الصوفية على أن الله لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان " اهـ.[التعرّف لمذهب أهل التصوف (ص/33).]



=================================================

 

33- وقال الشيخ أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي (388 هـ) صاحب "معالم السنن" ما نصه  "وليس معنى قول المسلمين إن الله على العرش هو أنه تعالى مماس له أو متمكن فيه أو متحيز في جهة من جهاته، لكنه بائن من جميع خلقه، وإنما هو خبر جاء به التوقيف فقلنا به ونفينا عنه التكييف إذ (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)ا هـ.[أعلام الحديث: كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) (سورة الروم/27) (2/،147).]


=================================================

 

34- وقال الشيخ أبو عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي الشافعي (403 هـ) ما نصه : "وأما البراءة من التشبيه باثبات أنه- تعالى- ليس بجوهر ولا عرض، فلأن قوما زاغوا عن الحق فوصفوا البارىء جل ثناؤه ببعض صفات المحدثين، فمنهم من قال: إنه جوهر، ومنهم من قال: إنه جسم،ومنهم من أجاز أن يكون على العرش كما يكون الملك على سريره، وكان ذلك في وجوب اسم الكفر لقائله كالتعطيل والتشريك.[المنهاج في شعب الإيمان (1/ 184).]


 فاذا أثبت المثبت أنه ليس كمثله شيء، وجماع ذلك أنه ليس بجوهر ولا عرض فقد انتفى التشبيه، لأنه لو كان جوهرا أو عرضا لجاز عليه ما يجوز على سائر الجواهر والأعراض، ولأنه إذا لم يكن جوهراً ولا عرض لم يجز عليه ما يجوز على الجواهر من حين إنها جواهر كالتآلف والتجسم وشغل الأمكنة والحركة والسكون، ولا ما يجوز على الأعراض من حيث إنها أعراض كالحدوث وعدم البقاء" اهـ.