مواقع اخرى خدمات الصور الإسلامية فرق منحرفة المكتبة الصوتية
English  Francais  أهل السنة

أوصاني خليلي بخصال من الخير

أوصاني خليلي بخصال من الخير




الحمدُ للهِ ثُمَّ الحَمْدُ للهِ، الحمْدُ للهِ ‏وَسَلامٌ على عِبَادِهِ الذين ‏اصطَفَى، الحَمْدُ للهِ الواحِدِ ‏الأَحَدِ الفَرْدِ الصَّمَدِ الذي لَمْ ‏يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً ‏أَحَدٌ، أَحْمَدُهُ تَعَالى وَأَسْتَهْدِيهِ ‏وَأَسْتَرْشِدُهُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ ‏وَأَسْتَغْفِرُهُ وأَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ ‏أَنْفُسِنَا وَسَيّئَاتِ أَعْمَالِنَا من يَهْدِهِ اللهُ فَهْوَ المُهْتدْ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِياً ‏مُرْشِداً. والصّلاةُ والسّلامُ ‏الأتمَانِ الأَكْمَلانِ عَلَى سَيّدِنَا ‏مُحَمَّدٍ سَيّدِ وَلَدِ عَدْنَان مَنْ بَعَثَهُ ‏اللهُ رَحْمَةً للعَالمَينَ بِالحَقّ بَشيراً ‏ونذيراً، أَمَّا بَعْدُ، عِبَادَ اللهِ ‏أُوصِي نَفْسِي وإيَّاكُم بِتَقْوى اللهِ ‏أُوصِي نَفْسِي وإيَّاكُم بِتَقْوى ‏اللهِ.



رَوَى ابنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ عَنْ ‏أبي ذَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: ‏‏"أَوْصَاني خَلِيلِي بِخِصَالٍ مِنَ ‏الخَيْرِ، أَوْصَاني أنْ أَنْظُرَ إلى مَنْ ‏هُوَ دُوني ولا أَنْظُرَ إلى مَنْ هُوَ ‏فَوْقِي وَأَوْصَانِي بِحُبّ المَسَاكينِ ‏والدُّنُوّ مِنْهُمْ وَأَوْصَانِي أَنْ أَقُولَ الحَقَّ وإِنْ كَانَ مُرّاً وَأَوْصَانِي أَنْ أَصِلَ رَحِمِي وَإِنْ ‏أَدْبَرَتْ وَأَوْصَانِي بِأَنْ أُكْثِرَ مِنْ ‏قَوْلِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ الاّ باللهِ". ‏الخُلُقُ الحَسَنُ وَبَذْلُ المَعْرُوفِ مِنْ ‏شَمَائِلِه عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، ‏فَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ في وَصْفِه عَلَيْهِ ‏الصلاة والسلام: "لَمْ يَكُنْ ‏فَاحِشاً وَلا مُتَفَحّشاً ولا سَخّاباً ‏في الأسْواقِ ولا يجزي بالسَّيِئَةِ ‏السَّيِئَةَ وَلَكنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ".



وَمِنْ خُلُقِ النَّبِي العَرَبِيّ الكَرِيمِ ‏صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَهُ ‏عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ يُعَلّمُنَا ‏وَيُؤَدِبُنَا: "مَنْ كَظَمَ غَيْظَاً وَهُوَ ‏يَقْدِرُ على أَنْ يُنَفّذَهُ دَعَاهُ اللهُ ‏على رُؤوسِ الخلائِقِ يَوْمَ القِيَامَةِ ‏حَتّى يُخَيّرَهُ في أيِ الحُورِ شَاء".



‏مَعْشَرَ الإخْوَةِ المُؤمِنينَ، هَذِهِ ‏شَمَائِلُ النَّبِيِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ ‏والسَّلامُ وَوَصَايَاهُ.



النَّبيُّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ‏صَاحِبُ الوَجْهِ الحَسَنِ أَوْصَانَا ‏بالخُلُقِ الحَسَنِ، فَمَا هِيَ هذه ‏الأخلاقُ المحمديَّةُ التي لَوْ تَحَلَّيْنَا ‏بهاِ أَفْرَاداً وَأُسَراً وأَسَاتِذَةً ‏وَمُرِيدِينَ لَبَلَغْنَا الدَّرَجَاتِ العُلا، ‏ألا فاسْمَعُوا مَعِي مَا قَالَهُ عَبْدُ اللهِ ‏ابنُ المُبَارَكِ في وَصْفِ الخُلُقِ ‏الحَسَنِ: هُوَ بَسْطُ الوَجْهِ وَبَذْلُ ‏المَعْرُوفِ وَكَفُّ الأذَى.



والعِبَرُ في القُرْءانِ الكَريمِ ‏والحَدِيثِ النَّبَويِ الشَّرِيفِ وفي ‏كَلامِ الصَّحَابَةِ الكِرامِ وَمَن ‏تَبِعَهُم بإحْسَانٍ كَثِيرةٌ وَسِيرَةُ ‏حَبِيبِ رَبِ العَالَمِينَ مُحَمَّدٍ ‏ملأى بالمَوَاعِظِ وَالعِبَرِ، حَافِلَةٌ ‏بالشَمَائِلِ الحَسَنَة والخِصَالِ ‏الحَمِيدَةِ، وَهِيَ جَلِيَّةٌ وَاضِحَةٌ ‏تُنِيرُ الطَّريقَ لِكُلِ مَنْ أَرَادَ أَنْ ‏يَغْتَرِفَ مِنْ بَحْرِ الآدابِ المحَمَّدِيَّةِ .



صَلَّى اللهُ على سَيِدِنَا مُحَمَّدٍ، ‏إذاً، فَلِمَ التَنَازُعُ، وَعَلامَ ‏الشّقَاقُ، إذاً فَلِمَ عُقُوقُ ‏الوَالِدَيْنِ، وَلِمَ سُوءُ الخُلُقِ، ‏والعَمَلُ بما يُوجِبُ الحِرْمَانَ ‏وَيُغْضِبُ الرَّبَّ، والعِبَرُ كَثِيرَةٌ ‏والمَوَاعِظُ وَفِيرَةٌ والآياتُ البَيِنَاتُ ‏ثَابِتَةٌ وَاضِحَةٌ والأحاديثُ ‏الشَّرِيفَةُ الصَّحِيحَةُ والصَرِيحَةُ ثَابِتَةٌ جلِيَّةٌ واضِحَةٌ.



الشَّأْنُ فِيمَنْ يَعْمَلُ فِيمَا تَعَلَّمَ، ‏الشَّأْنُ في أَنْ تُطَبّقَ على نَفْسِكَ ‏مَا تَسْمَعُ من عُلُومِ الدّينِ ‏وآدابِ الشَّريعَةِ وَسُلُوكِ ‏الصَالحِينَ وسِيرَةِ حَبِيبِ رَبِ ‏العَالَمِين صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏الذي أَوْصَى أبا ذَرّ أنْ يَنْظُرَ إلى ‏مَنْ هُوَ دُونَهُ في الدُّنْيا ليَشْكُرَ ‏نِعْمَةَ رَبِهِ عَلَيْهِ وَحَتى لا يَزْدَرِيَ ‏المَرْءُ نِعَمَ اللهِ التي أَسْبَغَهَا عَلَيْهِ فَفِي أُمُورِ الدُّنْيا انْظُرْ إلى مَنْ هُوَ ‏أَقَلُّ مِنْكَ مالاً وَأَضْعَفُ مِنْكَ ‏جِسْماً وَأَقَلُّ ذُريَّةً أَوْ لا ذُريَّةَ لَهُ ‏وَأَكْثَرُ بَلاءً وَأَشَدُّ أَمْراضاً لِتَنْظُرْ ‏في نَفْسِكَ فَتَقُولَ الحمْدُ للهِ على ‏كُلِ حَالْ.



قَالَ ولا أَنْظُرُ إلى مَنْ ‏هُوَ فَوْقِي.



فَإنَّ مَنْ يَنْظُرُ إلى مَنْ ‏هُوَ فَوقَهُ مِمَّنْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ ‏فَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ولا ذُريَّةٌ ‏ولا صِحَّةٌ ولا حَاشِيَةٌ فإنَّ كَثِيرينَ يَسْعَوْنَ السَّعْيَ ‏الحَرَامَ لِيَكْثُرَ مَوْرِدُهُمْ فَيَطْرُقُونَ أَبْوابَ الحرَامِ وَلا ‏يَكْتَفُونَ بِالحَلالِ، وَهَكَذا شَأْنُ ‏بَعْضِ الأوْلادِ وَبَعْضِ الزَّوْجاتِ ‏الذينَ لا يَكُونُونَ إلاّ فِتْنَةً في ‏إلحَاحِهِمْ وَمُتَطَلّبَاتِهِمْ فتَراهُمْ لا يَكُفُّونَ عَنِ الإلحاحِ ‏وَطَلَبِ المَزيدِ إلى أن يَغْرَقَ ‏الزَّوْجُ في مالٍ حَرَامٍ .



فَيَا أَخِي المُؤمِنُ، في مِثْلِ هذِهِ ‏الحالَةِ، هَلْ زَوْجَتُكَ تَدْفَعُ عَنْكَ ‏عَذَابَ القَبْرِ في مَا لَوْ تَوَرَّطْتَ في ‏المالِ الحَرَامِ وَظُلْمِ النَّاسِ لِتَسُدَّ ‏طَلَبَاتِهَا فِيمَا حَرّمَ اللهُ تَعَالى أَمْ ‏هَلْ أَوْلادُكَ يَنْفَعُونَكَ يَومَ لا ‏يَنْفَعُ مَالٌ ولا بَنُونَ.



قَالَ أبو ذَرٍ: ‏‏"أوصاني النَّبيُّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ ‏والسَّلامُ بِحُبِ المَسَاكِينِ والدُّنُوِ ‏مِنْهُم".



عَاشِرْ أهْلَ الفَضْلِ، لِيَكُنْ أصْدِقَاؤُكَ وَأَصْدِقاءُ ‏أَوْلادِكَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ والفَضْلِ، ‏لِيَكُنْ طَلَبَةَ عِلْمِ الدّينِ مِنْ أَهْلِ ‏الأَدَبِ والسُّلُوكِ الحَسَنِ في ‏الشَّرِيعَةِ أصْدِقَاؤُكَ، لِيَكُنْ هَؤلاءِ ‏أصْدِقاءً لَكَ ولأوْلادِكَ وَلا ‏تُعَاشِرْ أَهْلَ السُّوءِ وَلا تَأْذَنْ ‏لأولادِكَ بِمُعَاشَرَةِ أَهْلِ السُّوءِ ‏وكذلِكَ الأمْرُ بالنّسْبَةِ لِزَوجِكَ ‏فَإنَّ صَاحِبَ السُّوءِ سَاحِبْ وَكَثِيرُونَ مِنَ الآباءِ في غَفْلَةٍ عَنْ ‏هذا، يَتْرُكُونَ أَوْلادَهُمْ ‏فَيُفَاجَأُونَ فِيما بَعْدُ بالنَّتَائِجِ ‏والعِياذُ باللهِ.



قالَ أبُو ذَرٍ: ‏‏"وَأَوْصَاني أنْ أَقُولَ الحقَّ وَلَوْ ‏كَانَ مُرّا" إتَّهِمْ رَأْيَكَ، إتَّهِمْ ‏نَفْسَكَ، لا تَكُنْ مُسْتَبِدّاً بِرَأيِكَ ‏ولا يَكُنْ هَمَّكَ أَنْ يَغْلِبَ رَأْيُكَ ‏رَأْيَ إخْوانِكَ، تَعَاوَنُوا على الِبرِ ‏والتَّقْوَى ولا يَكُنْ هَمُّكَ يوماً أَنْ تَتَفَرَّدَ بِرَأيِكَ فَالنّبيُّ صَلّى اللهُ ‏عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوحَى إليْهِ ‏وكَانَ يَسْتَشِيرُ.



قَالَ: "وَأَوْصَانِي ‏أَنْ أَصِلَ رَحِمِي وَإِنْ أَدْبَرَتْ".



‏أَلَيْسَ اللهُ تَعَالى يَقُولُ في القُرْءانِ ‏الكَريمِ: {فَهَلْ عَسيتُمْ إنْ تَوَلَّيْتُمْ ‏أَنْ تُفْسِدُوا في الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا ‏أَرْحَامَكُمْ} وإنَّ تَفَكُّكَ المجتَمَعِ ‏اليَوْمَ وما نُعَانِيهِ مِنْ فِتَنٍ وأوبِئَةٍ ‏سَبَبُهُ عَدَمُ التَّرَابُطِ الدّينيِ هذا التَّرَابُطُ الدّينيُ الأَخَوِيُّ ‏حَضَّ اللهُ عَلَيْهِ في القُرءانِ وَأَمَرَنَا ‏بِهِ النَّبيُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ‏وترى البَعْضَ لا يَعْرِفُونَ ‏خَالاتِهِمْ ولا عَمَّاتِهِم ولا ‏أَخْوالِهِم ولا يَزُورُ جَدَّهُ ولا ‏جَدَّتَهُ إلاّ بَعدَ عَشْرِ سنين حِينَمَا ‏تَأتِيهِ وَرَقَةُ نَعْيِهِ فَيَنتَظِرُهُ خَارِجَ ‏المَسْجِدِ لِيَسْألَ فِيمَا بَعْدُ ماذا ‏تَرَكَ لَنَا مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْ تَرِكَةٍ.



قالَ أَبُو ذَرٍ: "وَأَوْصَاني بِأَنْ ‏أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ ‏إلا باللهِ" تُفَرّجُ الهَمَّ بِإذْنِ اللهِ ‏فَأَكْثِرْ مِنْ قَولِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ ‏إلا باللهِ.



لا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ ‏إلا بِعِصْمَةِ اللهِ وَلا قُوَّةَ عَلَى ‏طَاعَةِ اللهِ إلا بِعَوْنِ اللهِ.



أَقُولُ ‏قَوْلي هذا وَأَسْتَغفِرُ اللهَ العظيمَ لي ‏وَلَكُمْ.



الحمدُ للهِ ربِ العالمينَ الرّحمنِ ‏الرّحيمِ مالِكِ يومِ الدّينِ ‏والصّلاةُ والسّلامُ على محمّدٍ ‏الأمينِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ‏الطّيبينَ الطّاهِرِينَ وأشهَدُ أنْ لا ‏إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شريكَ لَهُ ‏وأشهَدُ أنّ سيّدَنَا مُحَمّداً عبدُهُ ‏ورَسُولُهُ صلى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ ‏وَعَلَى كُلّ رسولٍ أرسَلَهُ . أمّا ‏بعْدُ عِبادَ اللهِ اتّقُوا اللهَ واعْلَمُوا بأنّ اللهَ أَمَرَكُم بأَمْرٍ ‏عَظيمٍ، أَمَرَكُم بالصّلاةِ على ‏نبيٍّهِ الكريمِ فَقَالَ: {إنّ اللهَ ‏وملائِكَتَهُ يُصلّونَ على النّبيِ يا ‏أيُّها الذينَ ءامَنُوا صلّوا عَلَيْهِ ‏وَسلّمُوا تَسْليماً} اللّهُمّ صلّ ‏على محمدٍ وعلى ءالِ محمدٍ كما ‏صلّيْتَ على إبراهيمَ وعلى ءالِ ‏إبراهيمَ إنّكَ حميدُ مجيدُ اللّهُمَّ ‏بارِكْ على محمدٍ وعلى ءالِ محمدٍ كَمَا بَاركْتَ على إبراهيمَ وعلى ‏ءالِ إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ.



‏اللّهُمّ يا ربّنا إنّا دَعَوْناكَ ‏فاستجِبْ لَنَا دُعاءَنَا فاغفِرِ اللّهُمّ ‏لنا ذُنُوبَنَا وإسْرَافَنَا في أمْرِنَا ‏وَكَفّرْ عنّا سيّئاتِنَا وَتَوَفَّنَا بِرَحمتِكَ ‏مُؤمنينَ يا ربَّ العالمينَ.



اللّهُم ‏اغفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا اللّهُم اغفِرْ لَنَا ‏ذُنُوبَنَا، اللّهُم نَقّنَا من الذُّنوبِ والخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبيَضُ مِنَ ‏الدّنَسِ يا ربَّ العالمينَ اللّهُمّ ‏عَلّمْنَا ما جَهِلْنَا وذَكّرْنَا ما نَسِينَا ‏واجعَلِ القُرءانَ ربيعَ قُلُوبِنَا ‏ونُوراً لأبْصارِنَا وَجَوَارِحِنَا ‏وَتَوَفَّنَا على هَدْيِهِ وأكْرِمْنَا ‏بِحِفْظِهِ واحْفَظْنَا بِبَرَكَتِهِ وَبَرَكَةِ ‏نَبيّكَ مُحمدٍ عليهِ الصّلاةُ ‏والسّلامُ واغفِرِ اللّهُمَ للمُؤمنينَ والمؤمناتِ الأحْياءِ مِنهُم والأمواتِ إنّكَ ‏سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدّعواتِ ‏عِبادَ اللهِ إنّ اللهَ يأمُرُ بالعدلِ ‏والإحسانِ وإيتاءِ ذي القُربى ‏ويَنْهى عنِ الفَحْشاءِ والمُنكَرِ ‏والبغْيِ يَعِظُكُمْ لعلّكُم تَذَكّرُونَ ‏أُذكُرُوا اللهَ العظيمَ يَذْكُرْكُمْ ‏واشكُرُوهُ يَزِدْكُمْ واسْتَغْفِرُوهُ ‏يَغْفِرْ لَكُمْ واتّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنْ ‏أمْرِكُمْ مَخْرَجاً وَأَقِمِ الصّلاةَ.



مَعْشَرَ الأخْوَةِ المؤمِنِينَ، مَعْ ‏حُلُولِ مَوْسِمِ الحَجِ تَطُوفُ في ‏الوِجْدَانِ المشَاعِرُ والمَعَانِي التي ‏تُطْلِقُهَا هَذِهِ الفَرِيضَةُ التي جَعَلَهَا ‏اللهُ فَرِيضَةً مِنْ أَعْظَمِ فَرَائِضِ ‏الدّينِ، وَأَمْراً مِنْ أَهَمِ أُمُورِ ‏الإسْلامِ.



لَقَدْ ثَارَتْ في نُفُوسِ ‏المُسْلِمينَ نَوَازِعُ الشَّوْقِ لأداءِ ‏هَذهِ الفَريضَةِ العَظِيمَةِ، فَيَسّرَ اللهُ لِبَعْضِهِمْ أَمْرَهَا، وَهَا هُمْ بَدأوا يُعِدُّونَ العُدّةَ ‏للرَّحِيلِ إلى بِلادِ الحِجازِ.



مَا ‏أَجْمَلَهُ مِنْ مَنْظَرٍ حَيثُ اجتِمَاعُ ‏مَلايينِ المُسْلِمِينَ المُوَحِدينَ ‏المُؤمنينَ الذينَ جَاءُوا مِنْ كُلِ ‏حَدْبٍ وَصَوْبٍ، مِنْ جَميعِ بِقَاعِ ‏الأرضِ، جَاءُوا لِيَطُوفُوا بالبيتِ ‏العَتِيقِ قَائِلِين: لَبيْكَ اللّهُمّ لَبَّيكَ، ‏بِثِيابِهِم البَيْضاءْ على اختلافِ ‏أَلْوانِهِم وأَلْسِنَتِهِم تَجْمَعُهُم عَقِيدَةُ الإسلامِ عَقِيدَةُ ‏التَّنْزِيهِ، عَقِيدَةُ التَّوْحِيدِ، كُلُّهُم ‏إخوَةٌ في اللهِ لأنَّ اللهَ يَقُولُ: {إنمَّا ‏المُؤمِنُون إخْوَةٌ} ويَقُولُ عَزّ ‏وَجَلَّ {إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ ‏أتقاكُمْ} نَتَأَمَّلُ مَنْظَرَ الحَجِيجِ ‏وَنَتَطَلَّعُ إلى وَاقِعِ أُمَّتِنَا، إلى ‏وَاقِعِنَا الإسْلامي، وحَاجَتِنَا إلى ‏الاعتصامِ بِحَبْلِ اللهِ المَتِينِ واللهُ ‏يَقُولُ: {واعتَصِمُوا بحبْلِ اللهِ ‏جميعاً ولا تَفَرَّقُوا} أمَّا أعداءُ الأمَّةِ فَإنَّهُم يُريدُونَ ‏لَنَا التَّشَتُّتَ والفُرقَةَ والتَّبَاغُضَ ‏والتَّنَاحُرَ، وأنْ تَقَعَ الفِتْنَةُ فيما ‏بينَنَا، وهذا ما لا ينبغي أنْ ‏يَحْصُلَ وعلينا أنْ نَتَنَبَّهَ لَهُ.



والحجُّ ‏مَعْشَرَ الإخوةِ، جَمَعَ أنْواعَ ‏الرِياضَاتِ، مِنْ رِياضَةِ البَدَنِ ‏والرُّوحِ، وفيهِ مِنْ معانِي الوحْدَةِ ‏والعِزَّةِ ما يَحْمِلُنَا على التَّفَكُّرِ ‏بِذلِكَ المَوْقِفِ، فالمُسْلِمُونَ ‏يَجْتَمِعُونَ في خَيْرِ بِقَاعِ الأرْضِ ‏وَكُلُّهُمْ شَوْقٌ إلى حَبيبِ اللهِ، ‏يُؤدُّونَ الشَّعَائِرَ والنُّسُكَ، تَجْمَعُ بَيْنَهُمْ كَلِمَةُ لا إلهَ إلا ‏اللهُ، وما أُحَيْلاهُ مِنْ مَوْقِفٍ ‏تَتَجَلَّى فيهِ آياتُ الوحْدَةِ ‏وَتَمَاسُكِ المُجْتَمَعِ وتَعَاضُدِ ‏الأمَّةِ، كَيْفَ لا واللهُ تَعَالى يَقُولُ: ‏‏{واعتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جميعاً ولا ‏تَفَرَّقُوا} وَلا يَسَعُنَا في سبيلِ ‏الاعتِصَامِ بِحَبْلِ اللهِ وَنَبْذِ الفُرْقَةِ ‏والتَّبَاغُضِ إلا أنْ نَدْعُو اللهَ لَنَا ‏بِمَزيدٍ مِنَ التَّمَاسُكِ بِمَا يَحْفَظُ ‏أُمَّتَنَا مِنْ خَطَرِ كُلِ تَشَرْذُمٍ وَتَفَتُّتٍ ‏وَتَفَكُّكٍ، وَفي هذا الزَّمَنِ ‏الصَّعْبِ ما أَحْوجَنَا إلى كُلِ مَا ‏يَدْفَعُ بِأُمَّتِنَا إلى الأمَامِ.





نَسْأَلُ اللهَ تَعَالى أنْ ‏يُلْهِمَنا وأولياء أمورنا ما فِيهِ خَيرُ وَفَلاحُ ‏أُمَّتِنَا.




مواضيع ذات صلة
عذرأ لا يوجد موضوع مشابه

<<< الدرس المقبل

الدرس السابق >>>