مواقع اخرى خدمات الصور الإسلامية فرق منحرفة المكتبة الصوتية
English  Francais  أهل السنة

الفتوى بغير علم

الفتوى بغير علم




الحمْدُ للهِ رَبِ العَالمينَ، الرّحمنِ الرّحِيمِ، الذي خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ طِين، وَعَدَّلَهُ في أَحْسَنِ تَقْويم، وَفَضَّلَهُ على سَائِرِ الأحياءِ بِالتَّكريم، ثُمَّ مَنَّ على مَنْ سَبَقَتْ لَهُ مِنْهُ العِنايَةُ في العِلْمِ القَدِيم، بِالهِدَايَةِ إلى الصّراطِ المُسْتَقِيم، وَأَوْرَثَ مَنِ اصْطَفَاهُ مِنْ عِبَادِهِ حِفْظَ كِتَابِهِ العَظِيم، وَفَهِمَ مَعَانِي الآياتِ والذّكْرِ الحكِيم، وَوَفَّقَ مَنْ أَرَادَ بِهِ خَيراً للتَّفَقُّهِ في الدّينِ القَويم، وَرَفَعَ دَرَجَةَ أَهْلِ العِلْمِ وَالتَّعْلِيم على سَائِرِ عِبَادِهِ، وَفَوقَ كُلّ ذي عِلْمٍ عَلِيم، وَأَشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، الفَتَّاحُ العَلِيم، القَائِلْ: {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إلهَ إلا هُوَ والمَلائِكَةُ وأُولُو العِلْمِ قَائِماً بِالقِسْطِ لا إِلَهَ إلا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيم} والقَائِلُ أَيْضاً: {هُوَ الأوَّلُ والآخِرُ والظَّاهِرُ والبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِ شَيءٍ عَلِيم}.



وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمّداً عَبْدُهُ الشَّريفُ الكَريم، وَرَسُولُهُ الرَّؤوفُ الرَّحِيم، الدّاعِي إلى سَبِيلِ رَبّهِ بالحِكْمَةِ والموعِظَةِ الحَسَنَةِ، وَأنَّهُ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم، المبْعُوثُ مُتَمّماً لِمَكَارِمِ الأخْلاقِ الحَمِيدَةِ، نَاهِياً عَنْ كُلِ خُلُقٍ ذَمِيم، المُؤتى جَوَامِعَ الكَلِمِ الشَّافِيَةْ لِكُلِ قَلْبٍ سَقِيم، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ والتَّسْلِيم.



أمّا بعدُ عبادَ اللهِ اتّقوا اللهَ في السرِ والعلنِ يقولُ اللهُ تعالى في مُحكمِ التنزيلِ: {وَمِنَ الناسِ من يشتري لَهْوَ الحديثِ لِيُضِلَّ عن سبيلِ اللهِ بغيرِ علمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أولئكَ لَهُمْ عذابٌ مُهين} ويقولُ تعالى: {ولا تَقْفُ ما ليسَ لكَ بِهِ علمٌ إنَّ السَّمعَ والبَصَرَ والفُؤادَ كُلُّ أولئِكَ كانَ عنهُ مسئولا}.



مَعْشَرَ الأخْوَةِ المُؤمِنينَ، طُوبَى لِمَنْ لم يشْتَرِ لَهْوَ الحديثِ ليُضِلَّ الناسَ عن سبيلِ اللهِ وإنّما اتَبَعَ الصِّراطَ المستقيمَ فإنَّ أحسَنَ الهديِ هديُ مُحمدٍ صلى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ وأحسنَ الحديثِ كتابُ اللهِ تعالى وشرُّ الأمورِ مُحدثاتُها وكلُّ محدثةٍ بدعةٌ وكلُّ بدعةٍ ضلالةٌ وكلُّ ضلالةٍ في النارِ فما أُحدِثَ بعدَ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مما يخالِفُ كتابَ اللهِ أو سُنَّةَ رسولِهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فهوَ باطلٌ.



وقد قالَ سيّدُنا عليٌ رضيَ اللهُ عنهُ وكرَّمَ وَجهَهُ: الحقُّ لا يُعرفُ بالرجالِ وإنما الرجالُ يُعرفونَ بالحقِ. فمَنْ كانَ مُتّبِعاً للحقّ، فَمَنْ كانَ على صِراطٍ مُستقيمٍ فهوَ عندَ اللهِ تعالى من أهلِ الحقِ لأنَّهُ على الصراطِ المستقيمِ ولو كانَ عبداً حبشياً.



أمّا ما دَرَجَ عليهِ الكثيرونَ ممن لم يُوفّقهُمُ اللهُ تعالى للإيمانِ ولم يُسدّدْهُمُ اللهُ تعالى للإسلامِ اتَّبَعُوا الشَّهواتِ شَغَلَتْهُمْ زوجاتُهُم وأولادُهُمْ هؤلاءِ الذينَ يَعتَبرونَ أنَّ الحقَّ يُعرفُ بالرّجالِ هؤلاءِ الذينَ يُريدونَ النّاسَ أن يَكونُوا لهُمْ تَبَعاً سواءَ كانَ الأمرُ باطلاً سواءَ كان الأمرُ شراً سواءَ كان الأمرُ فيه إضرارٌ بالمسلمينَ سواءَ كانَ الأمرُ فيهِ تفتيتٌ للبلدِ ومُؤسّساتِهِ سواءَ كانَ الأمرُ فيهِ استعلاءٌ للرّقابِ لا يَسألونَ بل الأمرُ ليسَ في حُسْبانِهِمْ أنّ هذا من قبيلِ الشرِ فلا يجوزُ أن نَدْعُوَ الناس إليهِ.



إذا كانَ أفضلُ رجُلٍ في هذِهِ الأمّةِ بعدَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ أبو بكرٍ الصّديقِ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: أيُّ أرضٍ تَقُلُّني وأيُّ سماءٍ تَظُلُّني إن قُلتُ في كتابِ اللهِ ما لا أعلمُ.



وهوَ الصّديقُ الذي امتدحَهُ وذَكَرَهُ ربُّ العالمينَ في القرءانِ الكريمِ وَوَصَفَهُ بقولِهِ: {إذْ يقولُ لِصَاحِبِهِ لا تحزنْ إنَّ اللهَ مَعَنَا} ثَبَتَتْ لهُ الصُّحبَةُ في القرءانِ الكريمِ ورسولُ ربِ العالمينَ يقولُ لَهُ: {إنّ اللهَ مَعَنَا} أي مؤيّدُنَا هذا معناها ناصِرُنَا يَكْلأُنَا بالنُّصرةِ والتأييدِ.



هذا هُوَ أبو بكرٍ رضيَ اللهُ عنهُ رقيقُ القلبِ الخائفُ من اللهِ تعالى يَقُولُ: أيُّ أرضٍ تَقُلُّني وأيُّ سماءٍ تَظُلُّني إن قُلتُ في كتابِ اللهِ ما لا أعلَمُ.



وقدْ دَرَجَتْ عَادَةُ الكثيرِ من المتمشيخينَ إذا قُلتَ لأحَدِهِم: قالَ الشافِعِيُّ أو قالَ الأوزاعِيُّ أو قالَ أبو حنيفَةَ أو قالَ مالِكُ ابنُ أَنَسٍ يُسْكِتُكَ بِقولِهِ هُم رِجالٌ ونحنُ رجالٌ يُسكِتُكَ بقولِهِ أنا ما واجبٌ عليَّ أن أتّبِعَ أولئكَ أنا عندي عقلٌ أفَكّرُ بدعوى الاجتهادِ -ونحنُ لسنا من القائلينَ بأنَّ بابَ الاجتهادِ قد أوصِدَ وأُقفِلَ لكنّنا نقولُ قولَ أهلِ الحقّ: للاجتهاد شروط- كمْ وكمْ من أُناسٍ يتمشيخونَ على النّاسِ ليَصِلُوا إلى جُيُوبِهِم، إلى نِسائِهِمْ، إلى بُيُوتِهِم لِتَنفيذِ وتحقيقِ مآرِبِهِم.



يَعْترضُونَ علينا لأنّنا نُعَلّمُ الناسَ أنَّ اللهَ موجودٌ بلا مكانٍ يَعترضُونَ علينا لأنّنا نَقُولُ: اللهُ تعالى يُبْصِرُ بلا حَدَقَةٍ يَسْمَعُ بلا أذنٍ قادرٌ من غيرِ عَضَلاتٍ ولا أعضاءٍ حيٌ بلا قلبٍ ولا روحٍ مُتكلّمٌ بلا إطباقِ شفتينِ ولا تحريكِ لسانٍ هذا هُو مذهَبُ أهلِ الحقِ من السلفِ والخلفِ لذلكَ قالَ الطَّحاويُّ وهو مِنَ السَّلفِ الصّالحِ: تَعَالى أيِ اللهُ عنِ الحُدودِ والغاياتِ والأعضاءِ والأركانِ والأدواتِ ولا تحويهِ الجهاتُ السِتُّ كسائِرِ المُبْتَدَعاتِ. يَسْتحيلُ على اللهِ أنْ يوصَفَ بِصِفَاتِ المخلوقينَ.



ولذلكَ بنتْ جمعيّةُ المشاريعِ الخيريةِ الاسلاميّةِ مدارِسَهَا لتُعلّمَ الناسَ توحيدَ اللهِ تعالى لتُعَلّمَ الناسَ ما جاءَ بِهِ الأنبياءُ وما دَرَجَ السّلفُ الصّالحُ على تعْلِيمِهِ للناسِ وهُمْ أهلُ العلمِ والفضلِ والفَضيلةِ فضلاً عنِ العلومِ الكونيّةِ النّافعةِ واللغاتِ الأجنبيّةِ لأننا نريدُ شباباً مثقفاً بنورِ الإسلامِ قادراً على تحمّلِ أعباءِ الحياةِ والمضيِ قدماً في مسيرةِ العلمِ والبناءِ.



إخوةَ الإيمانِ، الحديثُ الخيرُ والخيّرُ هو الحديثُ عن الحفاظِ على دينِ اللهِ تعالى بدعوةِ النّاسِ لِتَعَلُّمِ البرِ والتّقوى والإيمانِ، وتعليمِ العقائِدِ للصغارِ والكِبارِ وإلا لماذا سُمّيتْ تلكَ بالعقيدةِ الصلاحيّةِ، لأنّ السلطانَ صلاحَ الدّينِ الأيوبيَّ رضيَ اللهُ تعالى عنهُ وقد كانَ ولياً صالحاً كريماً فقيهاً شافعياً يحفَظُ كتابِ التّنبيهِ وهوَ الذي أشارَ على ابنِ مكيٍ أن يَنْظُمَ لهُ في العقيدَةِ فَنَظَمَ له عقيدةً سمّاها العقيدةَ الصلاحيّةَ فَقَرَّرَ تدريسَهَا على الكتاتيبِ، فمن يَعيبُ علينا بأنّنا نُعَلّمُ التوحيدَ نقولُ لهُ: إذهبْ وانصحْ من يُعلّمُ الناسَ الخيانَةَ والفسقَ والفُجُورَ فلا حولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ العليِ العظيمِ أقولُ قولي هذا وأستغفِرُ اللهَ العظيمَ لي ولَكُمْ.



الحمدُ للهِ ثمَّ الحمدُ للهِ الحمدُ للهِ وسلامٌ على عبادِهِ الذينَ اصطفى الحمدُ للهِ الواحِدِ الأحَدِ الفردِ الصمدِ الذي لم يلدْ ولم يولدْ ولم يكنْ له كُفُواً أحد أحمَدُهُ تعالى وأستهديهِ وأسترشِدُهُ وأتوبُ إليهِ وأستغفِرُهُ وأعوذُ باللهِ من شرورِ أنفُسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا من يهدِهِ اللهُ فهوَ المهتدْ ومن يُضللْ فلن تجدَ لهُ ولياً مُرشِداً والصلاةُ والسلامُ على سيِدِنَا وحبيِبِنَا وعظيمِنَا وقُرةِ أعيُنِنَا أحمدْ من بَعَثَهُ اللهُ رحمةً للعالمينَ هادياً ومُبشراً ونذيراً وداعياً إلى اللهِ بإذنِهِ وسراجاً وهاجاً وقمراً مُنيراً فهَدَى اللهُ بِهِ الأمّةَ وكَشَفَ به عنها الغُمّةَ وبلّغَ الرّسالةَ وأدّى الأمانَةَ وَنَصَحَ الأمّةَ فجزاهُ اللهُ عنّا خيرَ ما جزى نبيّاً من أنبيائِهِ.



أمّا بعْدُ عِبادَ اللهِ اتّقُوا اللهَ في السّرِ والعَلَنِ هذِهِ هيَ سفينةُ النجاةِ فمن عَامَلَ الناسَ بتقوى اللهِ والصّدقِ وحُسنِ الخُلُقِ سَلِمَ وَنجا، فَكُلُّنَا مَدعُوونَ إلى سلوكِ دربِ النّجاةِ.



واعْلَمُوا أخوةَ الإسلامِ بأنّ اللهَ أَمَرَكُم بأَمْرٍ عَظيمٍ، أَمَرَكُم بالصّلاةِ على نبيّهِ الكريمِ فَقَالَ: {إنّ اللهَ وملائِكَتَهُ يُصلّونَ على النّبيِ يا أيُّها الذينَ ءامَنُوا صلّوا عَلَيْهِ وَسلّمُوا تَسْليماً} اللّهُمّ صلّ على محمدٍ وعلى ءالِ محمدٍ كما صلّيْتَ على إبراهيمَ وعلى ءالِ إبراهيمَ إنّكَ حميدُ مجيدُ اللّهُمَّ بارِكْ على محمدٍ وعلى ءالِ محمدٍ كَمَا بَاركْتَ على إبراهيمَ وعلى ءالِ إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ.

مواضيع ذات صلة

<<< الدرس المقبل

الدرس السابق >>>