مواقع اخرى خدمات الصور الإسلامية فرق منحرفة المكتبة الصوتية
English  Francais  أهل السنة

النصف من شعبان

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضد ولا ند له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه صلى الله وسلم عليه وعلى كل رسول ارسله.

أما بعد عباد الله فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي العظيم القائل في كتابه الكريم: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾ ءاية 7و 8 الزلزلة .

إخوة الإيمان، إن في هاتين الآيتين الترغيب بقليل الخير وكثيره والتحذير من قليل الشر وكثيره، فحري بنا ونحن في شهر شعبان الذي فيه ليلة مباركة أن نقبل الخيرات والطاعات، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها" .

ليلة النصف من شعبان هي ليلة مباركة وأكثر ما يبلغ المرء تلك الليلة أن يقوم ليلها ويصوم نهارها ويتقي الله فيها، فقد روى البخاري عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "ارتحلت الدنيا وهي مدبرة وارتحلت الآخرة وهي مقبلة فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا اليوم العمل ولا حساب وغدًا الحساب ولا عمل" . فالدنيا سائرة إلى الانقطاع، إلى الزوال ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وصف الدنيا كالشمس إذا تدلت نحو الغروب، معناه ما مضى أكثر مما بقي، فكونوا من أبناء الآخرة، فالآخرة خير وأبقى، فكونوا من ابناء الآخرة واتقوا ربكم، فقد قال ربنا عز من قائل : ﴿لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ ءال عمران 15. ويقول ربنا تبارك وتعالى: ﴿الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ﴾ ءال عمران 17 .

فاصبر أخي المسلم على طاعة الله واصبر على اجتناب ما حرم الله وأنفق في سبيل الله في سبيل نشر الدعوة إلى الله واستغفر ربك، وتزوّد من دنياك لآخرتك بالتقوى .

إذا العشرون من شعبان ولّت *** فواصل شرب ليلك بالنهار

ولا تشرب بأقداح صغـار *** فقد ضاق الزمان عن الصغار

ومرادهم أن الموت ءات قريب فعليك أن تتزود لآخرتك من هذه الدنيا بجد زائد وفي ذلك جاء قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنسَ َصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ أي لا تنس نصيبك لآخرتك من دنياك، فمن تزود لآخرته من هذه الدنيا فهو المتزود ومن فاته التزود للآخرة من هذه الدنيا فقد فاته التزود .

لكسرة من يبيس الخبز تشبعني *** وشربة من قراح الماء ترويني

وقطعة من خشين الثوب تسترني *** حيا وإن مت تكفيني لتكفيني

إخوة الإيمان، يستحب في ليلة النصف من شعبان قراءة القرءان ولكن لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يُستحب قراءة سورة يس خاصة وينبغي ان لا يعتقد انها هي الليلة التي يقول الله فيها: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ (سورة الدخان). وإن كان شاع عند بعض العوامّ أن هذه الليلة هي ليلة النصف من شعبان فهذا غير صحيح. والصواب أن هذه الليلة هي ليلة القدر. ومعنى : ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ أن الله يطلع ملائكته في هذه الليلة ليلة القدر على تفاصيل ما يحدث في هذه السنة إلى مثلها من العام القابل من موت وحياة وولادة وأرزاق ونحو ذلك .

وكنا قد نبهناكم في الخطبة السابقة عن دعاء اعتاد بعض الناس على ترداده في هذه الليلة يقولون فيه: "اللهم إن كنت كتبتي عندك في أم الكتاب شقيًا أو محرومًا أو مطرودًا أو مقترًا عليّ في الرزق فامح الله بفضلك شقاوتي وحرماني وطردي واقتار رزقي …" فهذا غير ثابت ولا يجوز للإنسان أن يعتقد أن مشيئة الله تتغير، فلا تتغير مشيئة الله بدعوة داع او صدقة متصدق أو نذر ناذر .

وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سألت ربي ثلاثا فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة" وفي رواية: "قال لي يا محمد إني إذا قضيت قضاءًا فإنه لا يُرد" . سبحان الله الذي يغير ولا يتغير .

اللهم أعنّا على القيام والصيام وصلة الأرحام بجاه محمد خير الأنام.هذا وأستغفر الله لي ولكم



الخُطبةُ الثانيةُ

الحمدُ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونستهْدِيهِ ونشكُرُه ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا وسيّئاتِ أعْمَالِنا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لهُ ومَنْ يُضْلِلْ فلا هادِي لهُ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ. أمّا بعد عبادَ اللهِ فإنّي أُوصِيْ نفسِيَ وإيّاكمْ بتقْوَى اللهِ العَليّ العظيمِ ذكرنا في الخطبة الأولى أنّ مشيئة الله لا تتغيّر لذلك ممّا ينبغي الانتباه منه دعاء اعتاد بعض الناس على ترداده في ليلة النصف من شعبان يقولون فيه :" اللهمّ إن كنت كتبتني عندك في أمّ الكتاب محرومًا أو مطرودًا أو مقتَّرًا عليّ في الرزق فامح اللهمّ بفضلك شقاوتي وحرماني وطردي وإقتار رزقي ... الخ فهذا غير ثابت ولا يجوز أن يُعتقد أنّ الله يغيّر مشيئته بدعوة داع، من اعتقد ذلك فسدت عقيدته خرج عن دين الله والعياذ بالله تعالى .

مشيئة الله أزلية أبدية لا يطرأ عليها تغيّر ولا تحول كذلك كل صفات الله تعالى لا تتغيّر ولا تتحوّل . فانظروا رحمكم الله حتّى الدعاء يحتاج إلى العلم وذلك لأنّ علم الدين سلاح يدافع به المؤمن الشيطان ويدافع به شياطين الإنس ويدافع به هواه ، ويميّز به بين ما ينفعه في الآخرة وما يضرّه وبين العمل المرضيّ لله وبين العمل الذي يسخط الله على فاعله فمن أراد الدعاء في ليلة النصف من شعبان أو في غيرها فليسأل أهل العلم والمعرفة عن دعاء ألفاظه موافقة لشرع الله تبارك وتعالى، فليلة النصف من شعبان إخوة الإيمان ليلة مباركة وأكثر ما يبلغ المرء تلك الليلة أن يقوم ليلها ويصوم نهارها ويتّقي الله فيها. اللهمّ ارزقنا القيام في ليلها والصيام في نهارها يا ربّ العالمين واعلَموا أنَّ اللهَ أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيِهِ الكريمِ فقالَ:﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ اللّـهُمَّ صَلّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدَنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾، اللّـهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللّـهُمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا اللّـهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ اللّـهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ اللّـهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنا شَرَّ ما نتخوَّفُ.عبادَ اللهِ ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون. اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا، وَأَقِمِ الصلاةَ .

مواضيع ذات صلة

<<< الدرس المقبل

الدرس السابق >>>